كم ← أي كثيرا أهلكنا من قبلهم من قرنِ ← أي أمة من الأمم الماضية فنادوْا ← حين نزول العذاب بهم ولاتَ حين مناص ← أي ليس حين فرار والتاء زائدة، والجملة حال
من فاعل نادوا، أي استغاثوا، والحال أن لا مهرب ولا منجى وما اعتبر بهم كفار مكة .
وعجبوا أن جاءهم منذر منهم ← رسول من أنفسهم ينذرهم ويخوفهم النار بعد البعث وهو
النبي * صلى الله عليه وسلم وقال الكافرون ← فيه وضع الظاهر موضع المضمر هذا
ساحر كذاب } .
وانطلق الملأ منهم ← من مجلس اجتماعهم عند أبي طالب وسماعهم فيه من النبي صلى
الله عليه وسلم قولوا: لا إله إلا الله أن امشوا ← يقول بعضهم لبعض امشوا واصبروا على آلهتكم ← اثبتوا على عبادتها إن هذا ← المذكور من التوحيد لشيء
يراد ← منا .
أَأُنزل ← بتحقيق الهمزتين وتسهيل الثانية، وإدخال ألف بينهما على الوجهين وتركه
عليه ← على محمد الذكر ← أي القرآن من بيننا ← وليس بأكبرنا ولا أشرفنا: أي
لم ينزل عليه، قال تعالى: بل هم في شك من ذكري ← وحْيي أي القرآن حيث كذبوا
الجائي به بل لما ← لم يذوقوا عذاب ← ولو ذاقوه لصدقوا النبي صلى الله عليه
وسلم فيما جاء به ولا ينفعهم التصديق حينئذ .
أم لهم ملك السماوات والأرض وما بينهما ← إن زعموا ذلك فليرتقوا في الأسباب ← الموصلة إلى السماء فيأتوا بالوحي فيخصوا به من شاءوا، وأمْ في الموضعين بمعنى همزة
الإنكار .
جند ما ← أي هم جند حقير هنالك ← في تكذيبهم لك مهزوم ← صفة جند من الأحزاب
← صفة جند أيضا: أي كالأجناد من جنس الأحزاب المتحزبين على الأنبياء قبلك وأولئك قد
قهروا وأهلكوا فكذا نهلك هؤلاء .
قال تعالى: اصبر على ما يقولون واذكر عبدنا داود ذا الأيد ← أي القوة في العبادة
كان يصوم يوما ويفطر يوما ويقوم نصف الليل وينام ثلثه ويقوم سدسه إنه أوَّاب ← رجّاع إلى مرضاة الله .
وشددنا ملكه ← قوَّيناه بالجرس والجنود وكان يحرس محرابه في كل ليلة ثلاثون ألف
رجل وآتيناه الحكمة ← النبوة والإصابة في الأمور وفصل الخطاب ← البيان الشافي
في كل قصد .
وهل ← معنى الاستفهام هنا التعجيب والتشويق إلى استماع ما بعده أتاك ← يا محمد
نبأ الخصم إذ تسوَّروا المحراب ← محراب داود: أي مسجده حيث منعوا الدخول عليه من
الباب لشغله بالعبادة، أي خبرهم وقصتهم .
إذ دخلوا على داود ففزع منهم قالوا لا تخف ← نحن خصمان ← قيل فريقان ليطابق ما
قبله من ضمير الجمع، وقيل اثنان والضمير بمعناهما، والخصم يطلق على الواحد وأكثر،
وهما ملكان جاءا في صورة خصمين وقع لهما ما ذكر على سبيل الغرض لتنبيه داود عليه
السلام على ما وقع منه وكان له تسع وتسعون امرأة وطلب امرأة شخص ليس له غيرها
وتزوجها ودخل بها بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط ← تَجُرْ واهدنا ← أرشدنا إلى سواء الصراط ← وسط الطريق الصواب .
إن هذا أخي ← أي على ديني له تسع وتسعون نعجة ← يعبر بها عن المرأة وليَ نعجة
واحدة فقال أكفلنيها ← أي اجعلني كافلها وعزني ← غلبني في الخطاب ← أي الدال،
وأقره الآخر على ذلك .
قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك ← ليضمها إلى نعاجه وإن كثيرا من الخلطاء ← الشركاء ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم ← ما لتأكيد
القلة فقال الملكان صاعدين في صورتيهما إلى السماء: قضى الرجل على نفسه فتنبه داود
قال تعالى: وظن ← أي أيقن داود أنما فتناه ← أوقعناه في فتنة أي بلية بمحبته
تلك المرأة فاستغفر ربَّه وخرَّ راكعا ← أي ساجدا وأناب } .
يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض ← تدبر أمر الناس فاحكم بين الناس بالحق ولا
تتبع الهوى ← أي هوى النفس فيضلك عن سبيل الله ← أي عن الدلائل الدالة على توحيده
إن الذين يضلون عن سبيل الله ← أي عن الإيمان بالله لهم عذاب شديد بما نسوا ← بنسيانهم يوم الحساب ← المرتب عليه تركهم الإيمان، وقالوا أيقنوا بيوم الحساب
لآمنوا في الدنيا .
أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار
← نزل لما قال كفار مكة للمؤمنين إنا نعطى في الآخرة مثل ما تعطون، وأم بمعنى همزة
الإنكار .
كتاب ← خبر مبتدأ محذوف أي هذا أنزلناه إليك مبارك ليدَّبروا ← أصله يتدبروا
أدغمت التاء في الدال آياته ← ينظروا في معانيها فيؤمنوا وليتذكر ← يتعظ أولوا الألباب ← أصحاب العقول .
إذ عرض عليه بالعشي ← هو ما بعد الزوال الصافنات ← الخيل جمع صافنة وهي القائمة
على ثلاث وإقامة الأخرى على طرف الحافر وهو من صفن يصفن صفونا الجياد ← الخيل جمع
جواد وهو السابق، المعنى أنها إذا استوقفت سكنت وإن ركضت سبقت وكانت ألف فرس عرضت
عليه بعد ان صلى الظهر لإرادته الجهاد عليها لعدو فعند بلوغ العرض منها تسعمائة
غربت الشمس ولم يكن صلى العصر فاغتم .
ردُّوها عليَّ ← أي الخيل المعروضة فردوها فطفق مسحا ← بالسيف بالسوق ← جمع
ساق والأعناق ← أي ذبحها وقطع أرجلها تقربا إلى الله تعالى حيث اشتغل بها عن
الصلاة بلحمها فعوضه الله خيرا منها وأسرع، وهي الريح تجري بأمره كيف شاء .
ولقد فتنا سليمان ← ابتليناه بسلب ملكه وذلك لتزوجه بامرأة هواها وكانت تعبد
الصنم في داره من غير علمه وكان ملكه في خاتمه فنزعه مرة عند إرادة الخلاء ووضعه
عند امرأته المسماة بالأمينة على عادته فجاءها جني في صورة سليمان فأخذه منها وألقينا على كرسيه جسدا ← هو ذلك الجني وهو صخر أو غيره جلس على كرسي سليمان وعكفت
عليه الطير وغيرها فخرج سليمان في غير هيئته فرآه على كرسيه وقال للناس أنا سليمان
فأنكره ثم أناب ← رجع سليمان إلى ملكه بعد أيام بأن وصل إلى الخاتم فلبسه وجلس
على كرسيه .
وقيل له اركض ← اضرب برجلك ← الأرض فضرب فنبعت عين ماء فقيل: هذا مغتسل ← ماء
تغتسل به بارد وشراب ← تشرب منه، فاغتسل وشرب فذهب عنه كل داء كان بباطنه وظاهره
.
وخذ بيدك ضغثا ← هو حزمة من حشيش أو قضبان فاضرب به ← زوجتك وكان قد حلف
ليضربها مائة ضربة لإبطائها عليه يوما ولا تحنث ← بترك ضربها فأخذ مائة عود من
الإذخر أو غيره فضربها به ضربة واحدة إنا وجدناه صابرا نعم العبد ← أيوب إنه
أوَّاب ← رجّاع إلى الله تعالى .
واذكر عبادنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب أولي الأيدى ← أصحاب القوى في العبادة والأبصار ← البصائر في الدين، وفي قراءة عبدنا وإبراهيم بيان له وما بعده عطف على
عبدنا .
واذكر إسماعيل واليسع ← وهو نبيّ واللام زائدة وذا الكفل ← اختلف في نبوَّته،
قيل كفل مائة نبي فروا إليه من القتل وكل ← أي كلهم من الأخيار ← جمع خيّر
بالتثقيل .
اتَّخذناهم سخريا ← بضم السين وكسرها: كنا نسخر بهم في الدنيا، والياء للنسب: أي
أمفقودون هم أم زاغت ← مالت عنهم الأبصار ← فلم ترهم، وهم فقراء المسلمين كعمار
وبلال وصهيب وسليمان .
فإذا سويته ← أتمته ونفخت ← أجريت فيه من روحي ← فصار حيا، وإضافة الروح إليه
تشريف لآدم والروح جسم لطيف يحيا به الإنسان بنفوذه فيه فقعوا له ساجدين ← سجود
تحية بالانحناء .
قال يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيديَّ ← أي توليت خلقه وهذا تشريف لآدم
فإن كل مخلوق تولى الله خلقه أستكبرت ← الآن عن السجود استفهام توبيخ أم كنت من
العالين ← المتكبرين فتكبرت عن السجود لكونك منهم .
قال فالحقَّ والحقَّ أقول ← بنصبهما ورفع الأول ونصب الثاني، فنصبه بالفعل بعده
ونصب الأول، قيل بالفعل المذكور، وقيل على المصدر: أي أحق الحق، وقيل على نزع حرف
القسم ورفعه على أنه مبتدأ محذوف الخبر: أي فالحق مني، وقيل فالحق قسمي، وجواب
القسم .