{ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا } أي: يغشى وجه الأرض، فيكون ما عليها
مظلمًا.فتعاقب الظلمة والضياء، والشمس والقمر، على هذا العالم، بانتظام وإتقان،
وقيام لمصالح العباد، أكبر دليل على أن الله بكل شيء عليم، وعلى كل شيء قدير، وأنه
المعبود وحده، الذي كل معبود سواه فباطل.
{ وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا } يحتمل أن " ما " موصولة، فيكون الإقسام بالسماء
وبانيها، الذي هو الله تبارك وتعالى، ويحتمل أنها مصدرية، فيكون الإقسام بالسماء
وبنيانها، الذي هو غاية ما يقدر من الإحكام والإتقان والإحسان.
{ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا } يحتمل أن المراد نفس سائر المخلوقات الحيوانية، كما
يؤيد هذا العموم، ويحتمل أن المراد بالإقسام بنفس الإنسان المكلف، بدليل ما يأتي
بعده.وعلى كل، فالنفس آية كبيرة من آياته التي حقيقة بالإقسام بها فإنها في غاية
اللطف والخفة، سريعة التنقل [والحركة] والتغير والتأثر والانفعالات النفسية، من
الهم، والإرادة، والقصد، والحب، والبغض، وهي التي لولاها لكان البدن مجرد تمثال لا
فائدة فيه، وتسويتها على هذا الوجه آية من آيات الله العظيمة.
{ وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا } أي: أخفى نفسه الكريمة، التي ليست حقيقة بقمعها
وإخفائها، بالتدنس بالرذائل، والدنو من العيوب، والاقتراف للذنوب، وترك ما يكملها
وينميها، واستعمال ما يشينها ويدسيها.
{ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ } صالح عليه السلام محذرًا: { نَاقَةَ اللهِ
وَسُقْيَاهَا } أي: احذروا عقر ناقة الله، التي جعلها لكم آية عظيمة، ولا تقابلوا
نعمة الله عليكم بسقي لبنها أن تعقروها، فكذبوا نبيهم صالحًا.
{ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ } أي: دمر عليهم
وعمهم بعقابه، وأرسل عليهم الصيحة من فوقهم، والرجفة من تحتهم، فأصبحوا جاثمين على
ركبهم، لا تجد منهم داعيًا ولا مجيبا.{ فَسَوَّاهَا } عليهم أي: سوى بينهم بالعقوبة .