الحمد لله ← حمد تعالى نفسه بذلك كما بُيّن في أول سورة سبأ فاطر السماوات
والأرض ← خالقهما على غير مثال سبق جاعل الملائكة رسلا ← إلى الأنبياء أولي
أجنحة مثنى وثلاث ورباع يزيد في الخلق ← في الملائكة وغيرها ما يشاء إن الله على
كل شيء قدير } .
ما يفتح الله للناس من رحمة ← كرزق ومطر فلا ممسك لها وما يمسك ← من ذلك فلا
مرسل له من بعده ← أي بعد إمساكه وهو العزيز ← الغالب على أمره الحكيم ← في
فعله .
يا أيها الناس ← أي أهل مكة اذكروا نعمة الله عليكم ← بإسكانكم الحرم ومنع
الغارات عنكم هل من خالق ← من زائدة وخالق مبتدأ غيرُ الله ← بالرفع والجر نعت
لخالق لفظا ومحلا، وخبر المبتدأ يرزقكم من السماء ← المطر و ← من الأرض ← النبات، والاستفهام للتقرير، أي لا خالق رازق غيره لا إله إلا هو فأنَّى تؤفكون ← من أين تصرفون عن توحيده مع إقراركم بأنه الخالق الرازق.
وإن يكذبوك← يا محمد في مجيئك بالتوحيد والبعث، والحساب والعقاب فقد كُذِّبت رسل
من قبلك← في ذلك فاصبر كما صبروا وإلى الله ترجع الأمور← في الآخرة فيجازي
المكذبين وينصر المسلمين.
ونزل في أبي جهل وغيره أفمن زينَ له سوء عمله ← بالتمويه فرآه حسنا ← من مبتدأ
خبره كمن هداه الله؟ لا، دل عليه فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء فلا تذهب
نفسك عليهم ← على المزيَّن لهم حسرات ← باغتمامك ألا يؤمنوا إن الله عليم بما
يصنعون ← فيجازيهم عليه .
والله الذي أرسل الرياح ← وفي قراءة الريح فتثير سحابا ← المضارع لحكاية الحال
الماضية، أي تزعجه فسقناه ← فيه التفات عن الغيبة إلى بلد ميت ← بالتشديد
والتخفيف لا نبات بها فأحيينا به الأرض ← من البلد بعد موتها ← يبسها، أي
أنبتنا به الزرع والكلأ كذلك النشور ← أي البعث والإحياء.
من كان يريد العزة فلله العزة جميعا ← أي في الدنيا والآخرة فلا تنال منه إلا
بطاعته فليطعه إليه يصعد الكلم الطيب ← يعلمه وهو لا إله إلا الله ونحوها والعمل الصالح يرفعه ← يقبله والذين يمكرون ← المكرات السيئات ← بالنبي في دار
الندوة من تقييده أو قتله أو إخراجه كما ذكر في الأنفال لهم عذاب شديد ومكر أولئك
هو يبور ← يهلك.
والله خلقكم من تراب ← بخلق أبيكم آدم منه ثم من نطفة ← أي منيّ بخلق ذريته
منها ثم جعلكم أزواجا ← ذكورا وإناثا وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه ← حال،
أي معلومة له وما يعمَّر من معمَّر ← أي ما يزاد في عمر طويل العمر ولا ينقص من
عمره ← أي ذلك المعمَّر أو معمَّر آخر إلا في كتاب ← هو اللوح المحفوظ إن ذلك
على الله يسير ← هيِّن.
وما يستوي البحران هذا عذب فرات ← شديد العذوبة سائغ شرابه ← شربه وهذا ملح
أجاج ← شديد الملوحة ومن كل ← منهما تأكلون لحما طريا ← هو السمك وتستخرجون ← من الملح، وقيل منهما حلية تلبسونها ← هي اللؤلؤ والمرجان وترى ← تُبصر الفلك
← السفن فيه ← في كل منهما مواخر ← تمخر الماء، أي تشقه بجريها فيه مقبلة
ومدبرة بريح واحدة لتبتغوا ← تطلبوا من فضله ← تعالى بالتجارة ولعلكم تشكرون
← الله على ذلك .
يولج ← يدخل الله الليل في النهار ← فيزيد ويولج النهار ← يدخله في الليل ← فيزيد وسخر الشمس والقمر كل ← منهما يجري ← في فلكه لأجل مسمى ← يوم القيامة
ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون ← تعبدون من دونه ← أي غيره وهم الأصنام
ما يملكون من قِطْمير ← لفاقة النواة.
إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ← فرضا ما استجابوا لكم ← ما أجابوكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ← بإشراككم إياهم مع الله، أي يتبرءون منكم ومن عبادتكم
إياهم ولا يُنبئك ← بأحوال الدارين مثل خبير ← عالم هو الله تعالى.
ولا تزر ← نفس وازرة ← آثمة، أي لا تحمل وزرَ ← نفس أخرى وإن تدع ← نفس مثقلة ← بالوزر إلى حملها ← منه أحدا ليحمل بعضه لا يُحمل منه شيء ولو كان ← المدعو ذا قربى ← قرابة كالأب والابن وعدم الحمل في الشقين حكم من الله إنما
تنذر الذين يخشون ربهم بالغيب ← أي يخافونه وما رأوه لأنهم المنتفعون بالإنذار وأقاموا الصلاة ← أداموها ومن تزكَّى ← تطهر من الشرك وغيره فإنما يتزكَّى
لنفسه ← فصلاحه مختص به وإلى الله المصير ← المرجع فيجزي بالعمل في الآخرة .
وما يستوي الأحياء ولا الأموات ← المؤمنون ولا الكفار، وزيادة لا في الثلاثة
تأكيد إن الله يسمع من يشاء ← هدايته فيجيبه بالإيمان وما أنت بمسمع من في
القبور ← أي الكفار شبههم بالموتى فيجيبون.
وإن يكذبوك ← أي أهل مكة فقد كذب الذين من قبلهم جاءتهم رسلهم بالبينات← المعجزات وبالزبر ← كصحف إبراهيم وبالكتاب المنير ← هو التوراة والإنجيل، فاصبر
كما صبروا .
ألم ترَ ← تعلم أن الله أنزل من السماء ماءً فأخرجنا ← فيه التفات عن الغيبة به ثمرات مختلفا ألوانها ← كأخضر وأحمر وأصفر وغيرها ومن الجبال جدد ← جمع جدة،
طريق في الجبل وغيره بيض وحمر ← وصفر مختلف ألوانها ← بالشدة والضعف وغرابيب
سود ← عطف على جدد، أي صخور شديدة السواد، يقال كثيرا: أسود غربيب، وقليلا: غربيب
أسود .
ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك ← كاختلاف الثمار والجبال إنما
يخشى الله من عباده العلماءُ ← بخلاف الجهال ككفار مكة إن الله عزيز ← في ملكه غفور ← لذنوب عباده المؤمنين .
ثم أورثنا ← أعطينا الكتاب ← القرآن الذين اصطفينا من عبادنا ← وهم أمتك فمنهم ظالم لنفسه ← بالتقصير في العمل به ومنهم مقتصد ← يعمل به أغلب الأوقات ومنهم سابق بالخيرات ← يضم إلى العلم التعليم والإرشاد إلى العمل بإذن الله ← بإرادته ذلك ← أي إيراثهم الكتاب هو الفضل الكبير } .
جنات عدن ← أي إقامة يدخلونها ← الثلاثة بالبناء وللمفعول خبر جنات المبتدأ يُحلَّون ← خبر ثان فيها من ← بعض أساور من ذهب ولؤلؤا ← مرصع بالذهب ولباسهم
فيها حرير } .
الذي أحلّنا دار المقامة ← الإقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ← تعب ولا
يمسنا فيها لغوب ← إعياء من التعب لعدم التكليف فيها، وذكر الثاني التابع للأول
للتصريح بنفيه .
والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضى عليهم ← بالموت فيموتوا ← يستريحوا ولا
يُخفف عنهم من عذابها ← طرفة عين كذلك ← كما جزيناهم يجزِى كلَّ كفورِ ← كافر
بالياء والنون المفتوحة مع كسر الزاي ونصب كل .
وهم يصطرخون فيها ← يستغيثون بشدة وعويل يقولون ربنا أخرجنا ← منها نعمل
صالحا غير الذي كنا نعمل ← فيقال لهم أوَ لم نعمّركم ما ← وقتا يتذكر فيه من
تذكر وجاءكم النذير ← الرسول فما أجبتم فذوقوا فما للظالمين ← الكافرين من نصير
← يدفع العذاب عنهم .
هو الذي جعلكم خلائف في الأرض ← جمع خليفة، أي يخلف بعضكم بعضا فمن كفر ← منكم
فعليه كفره ← أي وبال كفره ولا يزيد الكافرين كفرهم عند ربهم إلا مقتا ← غضبا ولا يزيد الكافرين كفرهم إلا خسارا ← للآخرة.
قل أرأيتم شركاءكم الذين تدعون ← تعبدون من دون الله ← أي غيره، وهم الأصنام
الذين زعمتم أنهم شركاء الله تعالى أروني ← أخبروني ماذا خلقوا من الأرض أم لهم
شرك ← شركة مع الله في ← خلق السماوات } {أم آتيناهم كتابا فهم على بينة ← حجة
منه ← بأن لهم معه شركة بل إن ← ما يعد الظالمون ← الكافرون بعضهم بعضا إلا
غرورا ← باطلا بقولهم الأصنام تشفع لهم.
إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا ← أي يمنعهما من الزوال ولئن ← لام قسم
زالتا إن ← ما أمسكهما ← يمسكهما من أحد من بعده ← أي سواه إنه كان حليما
غفورا ← في تأخير عقاب الكفار .
وأقسموا ← أي كفار مكة بالله جهد أيمانهم ← غاية اجتهادهم فيها لئن جاءهم
نذير ← رسول ليكوننَّ أهدى من إحدى الأمم ← اليهود والنصارى وغيرهم، أي أيَّ
واحدة منها لما رأوا من تكذيب بعضهم بعضا، إذ قالت اليهود: ليست النصارى على شيء، فلما جاءهم نذير ← محمد صلى الله عليه وسلم ما زادهم ← مجيئه إلا نفورا ← تباعدا عن الهدى.
استكبارا في الأرض ← عن الإيمان مفعول له ومكر ← العمل السيء ← من الشرك
وغيره ولا يحيق ← يحيط المكر السيء إلا بأهله ← وهو الماكر، ووصف المكر بالسيء
أصل، وإضافته إليه قيل استعمال آخر قدر فيه مضاف حذرا من الإضافة إلى الصفة فهل
ينظرون ← ينتظرون إلا سُنَّةَّ الأولين ← سنة الله فيهم من تعذيبهم بتكذيبهم
رسلهم فلن تجد لسنَّةِ الله تبديلا ولن تجد لسنَّةِ الله تحويلا ← أي لا يبدل
بالعذاب غيره ولا يحول إلى غير مستحقه.
أوْ لم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم وكانوا أشد منهم
قوة ← فأهلكهم الله بتكذيبهم رسلهم وما كان الله ليعجزه من شيء ← يسبقه ويفوته في السماوات ولا في الأرض إنه كان عليما ← أي بالأشياء كلها قديرا ← عليها.
ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا← من المعاصي ما ترك على ظهرها ← أي الأرض من
دابة← نسمة تدبّ عليها ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى← أي يوم القيامة فإذا جاء أجلهم
فإن الله كان بعباده بصيرا← فيجازيهم على أعمالهم، بإثابة المؤمنين وعقاب الكافرين.