أكان للناس ← أي أهل مكة، استفهام إنكار والجار والمجرور حال من قوله عَجبا ← بالنصب خبر كان، وبالرفع اسمها والخبر وهو اسمها على الأولى أن أوحينا ← أي
إيحاؤنا إلى رجل منهم ← محمد أن ← مفسرة أنذر ← خوِّف الناس ← الكافرين
بالعذاب وبشر الذين آمنوا أن ← أي بأن لهم قدم ← سلف صدق عند ربهم ← أي أجرا
حسناً بما قدموه من الأعمال قال الكافرون إن هذا ← القرآن المشتمل على ذلك لَسِحْرٌ مبين ← بيِّن، وفي قراءة لَساحرٌ، والمشار إليه النبي.
إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ← من أيام الدنيا، أي في
قدرها، لأنه لم يكن ثَم شمس ولا قمر، ولو شاء لخلقهن في لمحة، والعدول عنه لتعليم
خلقه التثبت ثم استوى على العرش ← استواءً يليق به يدبر الأمر ← بين الخلائق ما من ← صلة شفيع ← يشفع لأحد إلا من بعد إذنه ← رد لقولهم إن الأصنام تشفع لهم
ذلكم ← الخالق المدبر الله ربكم فاعبدوه ← وحدوه أفلا تذَّكرون ← بإدغام
التاء في الأصل في الذال .
إليه ← تعالى مرجعكم وعد الله حقا ← مصدران منصوبان بفعلهما المقدر إنه ← بالكسر استئنافاً والفتح على تقدير اللام يبدأ الخلق ← أي بدأه بالإنشاء ثم
يعيده ← بالبعث ليجزي ← يثيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالقسط والذين كفروا
لهم شراب من حميم ← ماء بالغ نهاية الحرارة وعذاب أليم ← مؤلم بما كانوا يكفرون
← أي بسبب كفرهم .
هو الذي جعل الشمس ضياءً ← ذات ضياء، أي نور والقمر نورا وقدره ← من حيث سيره منازل ← ثمانية وعشرين منزلا في ثمان وعشرين ليلة من كل شهر، ويستتر ليلتين إن كان
الشهر ثلاثين يوما، أو ليلة إن كان تسعة وعشرين يوما لتعلموا ← بذلك عدد السنين
والحساب ما خلق الله ذلك ← المذكور إلا بالحق ← لا عبثا تعالى عن ذلك يفصل ← بالياء والنون يبين الآيات لقوم يعلمون ← يتدبرون .
إن في اختلاف الليل والنهار ← بالذهاب والمجيء والزيادة والنقصان وما خلق الله
في السماوات ← من ملائكة وشمس وقمر ونجوم وغير ذلك و ← في الأرض ← من حيوان
وجبال وبحار وأنهار وأشجار وغيرها لآيات ← دلالات على قدرته تعالى لقوم يتقونـ
← ـه فيؤمنون، خصهم بالذكر لأنهم المنتفعون بها .
إن الذين لا يرجون لقاءنا ← بالبعث ورضوا بالحياة الدنيا ← بدل الآخرة لإنكارهم
لها واطمأنوا بها ← سكنوا إليها والذين هم عن آياتنا ← دلائل وحدانيتنا غافلون ← تاركون النظر فيها .
دعواهم فيها ← طلبهم يشتهونه في الجنة أن يقولوا سبحانك اللهم ← أي يا الله
فإذا ما طلبوه وجدوه بين أيديهم وتحيتهم ← فيما بينهم فيها سلام وآخر دعواهم أن
← مفسرة الحمد لله رب العالمين ← ونزل لما استعجل المشركون العذاب .
ولو يُعَجِل الله للناس الشر استعجالهم ← أي كاستعجالهم بالخير لقضي ← بالبناء
للمفعول وللفاعل إليهم أجلُهم ← بالرفع والنصب، بأن يهلكهم ولكن يمهلهم فَنَذَرُ ← نترك الذين لا يرجون لقاءنا في طغيانهم يعمهون ← يترددون متحيرين .
وإذا مس الإنسان ← الكافر الضُّرُّ ← المرض والفقر دعانا لجنبه ← أي مضطجعا أو قاعدا أو قائما ← أي في كل حال فلما كشفنا عنه ضُره مرَّ ← على كفره كأن ← مخففة واسمها محذوف، أي كأنه لم يدعنا إلى ضرٍّ مسه كذلك ← كما زُيّن له الدعاء
عند الضرر والإعراض عند الرخاء زُيِّن للمسرفين ← المشركين ما كانوا يعملون } .
ولقد أهلكنا القرون ← الأمم من قبلكم ← يا أهل مكة لما ظلموا ← بالشرك و ← قد جاءتهم رسلهم بالبينات ← الدالات على صدقهم وما كانوا ليؤمنوا ← عطف على
ظلموا كذلك ← كما أهلكنا أولئك نجزي القوم المجرمين ← الكافرين .
وإذا تُتلى عليهم آياتنا ← القرآن بينات ← ظاهرات حال قال الذين لا يرجون
لقاءنا ← لا يخافون البعث ائت بقرآن غير هذا ← ليس فيه عيب آلهتنا أو بدله ← من
تلقاء نفسك قل ← لهم ما يكون ← ينبغي لي أن أبدله من تلقاء ← قبل نفسي إن ← ما أتبع إلا ما يوحي إليّ إني أخاف إن عصيت ربي ← بتبديله عذاب يوم عظيم ← هو
يوم القيامة .
قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم ← أعلمكم به ← ولا نافية عطف على ما
قبله، وفي قراءة بلام جواب لو أي لأعلمكم به على لسان غيري فقد لبثت ← مكثت فيكم عمرا ← سنينا أربعين من قبله ← لا أحدثكم بشيء أفلا تعقلون ← أنه ليس من
قِبَلي .
ويعبدون من دون الله ← أي غيره ما لا يضرهم ← إن لم يعبدوه ولا ينفعهم ← إن
عبدوه وهو الأصنام ويقولون ← عنها هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل ← لهم أتنبئون
الله ← جبروته بما لا يعلم في السموات والأرض ← استفهام إنكار إذ لو كان له شريك
لعلمه، إذا لا يخفى عليه شيء سبحانه ← تنزيها له وتعالى عما يشركونـ ← به معه .
وما كان الناس إلا أمة واحدة ← على دين واحد وهو الإسلام، من لدن آدم إلى نوح،
وقيل من عهد إبراهيم إلى عمرو بن لحيِّ فاختلفوا ← بأن ثبت بعض وكفر بعض ولولا
كلمة سبقت من ربك ← بتأخير الجزاء إلى يوم القيامة لقضي بينهم ← أي الناس في
الدنيا فيما فيه يختلفون ← من الدين بتعذيب الكافرين .
ويقولون ← أي أهل مكة لولا ← هلا أنزل عليه ← على محمد آية من ربه ← كما
كان للأنبياء من الناقة والعصا واليد فقل ← لهم إنما الغيب ← ما غاب عن العباد
أي أمره لله ← ومنه الآيات فلا يأتي بها إلا هو وإنما عليَّ التبليغ فانتظروا ← العذاب إن لم تؤمنوا إني معكم من المنتظرين } .
وإذا أذقنا الناس ← أي كفار مكة رحمة ← مطرا وخصبا من بعد ضراء ← بؤس وجدب مستهم إذا لهم مكر في آياتنا ← بالاستهزاء والتكذيب قل ← لهم الله أسرع مكراً ← مجازاة إن رسلنا ← الحفظة يكتبون ما تمكرون ← بالتاء والياء .
هو الذي يسيركم ← وفي قراءة ينشركم في البر والبحر حتى إذا كنتم في الفلك ← السفن وجرين بهم بريح ← وجرين فيه التفات عن الخطاب بريح طيبة ← لينة وفرحوا
بها جاءتها ريح عاصف ← شديد الهبوب تكسر كل شيء وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا
أنهم أحيط بهم ← أي أهلكوا دعوا الله مخلصين له الدين ← الدعاء لئن ← لام قسم أنجيتنا من هذه ← الأهوال لنكونن من الشاكرين ← الموحدين .
فلما أنجاهم إذا هم يبغون في الأرض بغير الحق ← بالشرك يا أيها الناس إنما
بغيكم ← ظلمكم على أنفسكم ← لأن إثمه عليها هو متاعُ الحياة الدنيا ← تمتعون
فيها قليلا ثم إلينا مرجعكم ← بعد الموت فننبئكم بما كنتم تعملون ← فنجاريكم
عليه وفي قراءة بنصب متاع: أي تتمتعون .
إنما مَثَل ← صفة الحياة الدنيا كماء ← مطر أنزلناه من السماء فاختلط به ← بسببه نبات الأرض ← واشتبك بعضه ببعض مما يأكل الناس ← من البرّ والشعير
وغيرهما والأنعام ← من الكلأ حتى إذا أخذت الأرض زخرفها ← بهجتها من النبات وازَّيَّنت ← بالزهر، وأصله تزينت، أبدلت التاء زايا وأدغمت في الزاي وظن أهلها
أنهم قادرون عليها ← متمكنون من تحصيل ثمارها أتاها أمرنا ← قضاؤنا أو عذابنا ليلا أو نهارا فجعلناها ← أي زرعها حصيدا ← كالمحصود بالمناجل كأن ← مخففة أي
كأنها لم تغن ← تكن بالأمس كذلك نفصَّل ← نبين الآيات لقوم يتفكرون } .
للذين أحسنوا ← بالإيمان الحسنى ← الجنة وزيادة ← هي النظر إليه تعالى كما في
حديث مسلم ولا يرهق ← يغشى وجوههم قترٌ ← سواد ولا ذلة ← كآبة أولئك أصحاب
الجنة هم فيها خالدون } .
والذين ← عطف على الذين أحسنوا، أي وللذين كسبوا السيئات ← عملوا الشرك جزاء
سيئة بمثلها وترهقهم ذلة ما لهم من الله من ← زائدة عاصم ← مانع كأنما أغشيت ← أُلبست وجوههم قطعا ← بفتح الطاء جمع قطعة، وإسكانها جزءًا من الليل مظلما
أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون } .
و ← اذكر يوم نحشرهم ← أي الخلق جميعا ثم نقول للذين أشركوا مكانكم ← نصب
بإلزموا مقدرا أنتم ← تأكيد للضمير المستتر في الفعل المقدر ليعطف عليه وشركاؤكم ← أي الأصنام فزيَّلنا ← ميزنا بينهم ← وبين المؤمنين كما في آية
(وامتازوا اليوم أيها المجرمون) وقال ← لهم شركاؤهم ما كنتم إيانا تعبدون ← ما
نافية وقدم المفعول للفاصلة .
هنالك ← أي ذلك اليوم تبلوا ← من البلوى، وفي قراءة بتاءين من التلاوة كل نفس
ما أسلفت ← قدمت من العمل وردوا إلى الله مولاهم الحق ← الثابت الدائم وضل ← غاب عنهم ما كانوا يفترون ← عليه من الشركاء .
قل ← لهم من يرزقكم من السماء ← بالمطر والأرض ← بالنبات أمَّن يملك السمع
← بمعنى الأسماع، أي خلقها والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي
ومن يدبِّر الأمر ← بين الخلائق فسيقولون ← هو الله فقل ← لهم أفلا تتقونـ ← ـه فتؤمنون .
فذلكم ← الفاعل لهذه الأشياء الله ربكم الحق ← الثابت فماذا بعد الحق إلا
الضلال ← استفهام تقرير، أي ليس بعده غيره فمن أخطأ الحق وهو عبادة الله وقع في
الضلال فأنَّى ← كيف تُصرفون ← عن الإيمان مع قيام البرهان .
قل هل من شركائكم من يهدي إلى الحق ← بنصب الحجج وخلق الاهتداء قل الله يهدي
للحق أفمن يهدي إلى الحق ← وهو الله أحق أنْ يُتبع أمَّن لا يهدي ← يهتدي إلا
أن يهدى ← أحق أن يتبع استفهام تقرير وتوبيخ، أي الأول أحق فما لكم كيف تحكمون ← هذا الحكم الفاسد من اتَّباع ما لا يحق اتباعه .
وما يتبع أكثرهم ← في عبادة الأصنام إلا ظنا ← حيث قلدوا فيه آباءهم إن الظن
لا يُغني من الحق شيئا ← فيما المطلوب منه العلم إن الله عليم بما يفعلون ← فيجازيهم عليه .
وما كان هذا القرآن أن يُفترى ← أي افتراءً من دون الله ← أي غيره ولكن ← أنزل تصديق الذي بين يديه ← من الكتب وتفصيل الكتاب ← تبيين ما كتبه الله من
الأحكام وغيرها لا ريب ← شك فيه من رب العالمين ← متعلق بتصديق أو بأنزل
المحذوف، وقرئ برفع تصديق وتفصيل بتقدير هو .
أم ← بل أ يقولون افتراه ← اختلقه محمد قل فأتوا بسورة مثله ← في الفصاحة
والبلاغة على وجه الافتراء فإنكم عربيون فصحاء مثلي وادعوا ← للإعانة عليه من
استطعتم من دون الله ← أي غيره إن كنتم صادقين ← في أنه افتراء فلم تقدروا على
ذلك، قال تعالى .
بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ← أي القرآن ولم يتدبروه ولما ← لم يأتهم
تأويله ← عاقبة ما فيه من الوعيد كذلك ← التكذيب كذَّب الذين من قبلهم ← رسلهم
فانظر كيف كان عاقبة الظالمين ← بتكذيب الرسل أي آخر أمرهم من الهلاك فكذلك نُهلك
هؤلاء .
{( ومنهم من ينظر إليك أفأنت تهدي العمي ولو كانوا لا يبصرون ) شبههم بهم في عدم
الاهتداء بل أعظم "" فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور "" .
ويوم يحشرهم كأن ← أي كأنهم لم يلبثوا ← في الدنيا أو القبور إلا ساعة من
النهار ← لهول ما رأوا، وجملة التشبيه حال من الضمير يتعارفون بينهم ← يعرف بعضهم
بعضا إذا بعثوا ثم ينقطع التعارف لشدة الأهوال، والجملة حال مقدرة أو متعلق الظرف قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله ← بالبعث وما كانوا مهتدين } .
وإما ← فيه إدغام نون إن الشرطية في ما المزيدة نرينَّك بعض الذي نعدهم ← به من
العذاب في حياتك وجواب الشرط محذوف، أي فذاك أو نتوفينَّك ← قبل تعذيبهم فإلينا
مرجعهم ثم الله شهيد ← مطلع على ما يفعلون ← من تكذيبهم وكفرهم فيعذبهم أشد
العذاب .
ولكل أمة ← من الأمم رسول فإذا جاء رسولهم ← إليهم فكذبوه قضي بينهم بالقسط ← بالعدل فيعذبون وينجى الرسول ومن صدقه وهم لا يظلمون ← بتعذيبهم بغير جرم فكذلك
نفعل بهؤلاء .
قل لا أملك لنفسي ضرا ← أدفعه ولا نفعا ← أجلبه إلا ما شاء الله ← أن يقدرني
عليه، فكيف أملك لكم حلول العذاب لكل أمة أجل ← مدة معلومة لهلاكهم إذ جاء
أجلهم فلا يستأخرون ← يتأخرون عنه ساعة ولا يستقدمون ← يتقدمون عليه .
قل أرأيتم ← أخبروني إن أتاكم عذابه ← أي الله بياتا ← ليلا أو نهارا ماذا
← أيُّ شيء يستعجل منه ← أي العذاب المجرمون ← المشركون، فيه وضع الظاهر موضع
المضمر، وجملة الاستفهام جواب الشرط: كقولك إذا أتيتك ماذا تعطيني، والمراد به
التهويل أي ما أعظم ما استعجلوه .
أثُمَّ إذا ما وقع ← حل بكم آمنتم به ← أي الله أو العذاب عند نزوله، والهمزة
لإنكار التأخير فلا يقبل منكم ويقال لكم آلآن ← تؤمنون وقد كنتم به تستعجلون ← استهزاء .
ولو أن لكل نفس ظلمت ← كفرت ما في الأرض ← جميعا من الأموال لافتدت به ← من
العذاب يوم القيامة وأسرُّوا الندامة ← على ترك الإيمان لما رأوا العذاب ← أخفاها رؤساؤهم عن الضعفاء الذين أضلوهم مخافة التعيير وقضي بينهم ← بين الخلائق
بالقسط ← بالعدل وهم لا يظلمون ← شيئا .
يا أيها الناس ← أي أهل مكة قد جاءتكم موعظة من ربكم ← كتاب فيه ما لكم وما
عليكم وهو القرآن وشفاء ← دواء لما في الصدور ← من العقائد الفاسدة والشكوك وهدى ← من الضلال ورحمة للمؤمنين ← به .
قل أرأيتم ← أخبروني ما أنزل الله ← خلق لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا
← كالبحيرة والسائبة والميتة قل آلله أذن لكم ← في ذلك بالتحليل والتحريم لا أم
← بل على الله تفترون ← تكذبون بنسبة ذلك إليه .
وما ظن الذين يفترون على الله الكذب ← أي أيّ شيء ظنهم به يوم القيامة ← أيحسبون أنه لا يعاقبهم لا إن الله لذو فضل على الناس ← بإمهالهم والإنعام عليهم
ولكن أكثرهم لا يشكرون } .
وما تكون ← يا محمد في شأن ← أمر وما تتلو منه ← أي من الشأن أو الله من
قرآن ← أنزله عليك ولا تعملون ← خاطبهُ وأمته من عمل إلا كنا عليكم شهودا ← رقباء إذ تُفيضون ← تأخذون فيه ← أي العمل وما يَعْزُبُ ← يغيب عن ربك من
مثقال ← وزن ذرة ← أصغر نملة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر
إلا في كتاب مبين ← بيِّن هو اللوح المحفوظ .
لهم البشرى في الحياة الدنيا ← فسرت في حديث صححه الحاكم بالرؤيا الصالحة يراها
الرجل أو تُرى له وفي الآخرة ← الجنة والثواب لا تبديل لكلمات الله ← لا خلف
لمواعيده ذلك ← المذكور هو الفوز العظيم } .
ألا إن لله من في السماوات ومن في الأرض ← عبيدا وملكا وخلقا وما يتبع الذين
يدعون ← يعبدون من دون الله ← أي غيره أصناما شركاء ← له على الحقيقة تعالى عن
ذلك إن ← ما يتبعون ← في ذلك إلا الظن ← أي ظنهم أنها آلهة تشفع لهم وإن ← ما هم إلا يخرصون ← يكذبون في ذلك .
هو الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرا ← إسناد الإبصار إليه مجاز لأنه
يبصر فيه إن في ذلك لآيات ← دلالات على وحدانيته تعالى لقوم يسمعون ← سماع تدبر
واتعاظ .
قالوا ← أي اليهود والنصارى ومن زعم أن الملائكة بنات الله اتخذ الله ولدا ← قال تعالى لهم سبحانه ← تنزيها له عن الولد هو الغني ← عن كل أحد وإنما يطلب
الولد من يحتاج إليه له ما في السماوات وما في الأرض ← ملكا وخلقا وعبيدا إن ← ما عندكم من سلطان ← حجة بهذا ← الذي تقولونه أتقولون على الله ما لا تعلمون
← استفهام توبيخ .
واتل ← يا محمد عليهم ← أي كفار مكة نبأ ← خبر نوح ← ويبدل منه إذ قال
لقومه يا قوم إن كان كُبر ← شق عليكم مقامي ← لبثي فيكم وتذكيري ← وعظي إياكم بآيات الله فعلى الله توكلت فأجمعوا أمركم ← اعزموا على أمر تفعلونه بي وشركاءكم
← الواو بمعني مع ثم لا يكن أمركم عليكم غُمة ← مستورا بل أظهروه وجاهروني به ثم اقضوا إليَّ ← امضوا فيما أردتموه ولا تنظرون ← تمهلون فإني لست مباليا بكم .
فكذبوه فنجيناه ومن معه في الفلك ← السفينة وجعلناهم ← أي من معه خلائف ← في
الأرض وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا ← بالطوفان فانظر كيف كان عاقبة المنذرين ← من إهلاكهم فكذلك نفعل بمن كذب .
ثم بعثنا من بعده ← أي نوح رسلا إلى قومهم ← كإبراهيم وهود وصالح فجاءُوهم
بالبينات ← المعجزات فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل ← أي بعث الرسل إليهم
كذلك نطبع ← نختم على قلوب المعتدين ← فلا تقبل الإيمان كما طبعنا على قلوب
أولئك .
فلما ألقوا ← حبالهم وعصيهم قال موسى ما ← استفهامية مبتدأ خبره جئتم به
السحر ← بدل وفي قراءة بهمزة واحدة إخبار فما اسم موصول مبتدأ إن الله سيبطله ← أي سيمحقه إن الله لا يصلح عمل المفسدين } .
فما آمن لموسى إلا ذرية ← طائفة من ← أولاد قومه ← أي فرعون على خوف من
فرعون وملئهم أن يفتنهم ← يصرفهم عن دينه بتعذيبه وإن فرعون لعال ← متكبر في
الأرض ← أرض مصر وإنه لمن المسرفين ← المتجاوزين الحد بادعاء الربوبية .
وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوّأا ← اتخذا لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم
قبلة ← مصلًّى تصلون فيه لتأمنوا من الخوف وكان فرعون منعهم من الصلاة وأقيموا
الصلاة ← أتموها وبشّر المؤمنين ← بالنصر والجنة .
وقال موسى ربنا إنك آتيت فرعون وملأهُ زينة وأموالا في الحياة الدنيا ربنا ← آتيتهم ذلك ليضلوا ← في عن سبيلك ← دينك ربنا اطمس على أموالهم ← امسخها واشدد على قلوبهم ← اطبع عليها واستوثق فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم ← المؤلم دعا عليهم وأمَّنَ هارون على دعائه .
قال ← تعالى قد أجيبت دعوتكما ← فمسخت أموالهم حجارة ولم يؤمن فرعون حتى أدركه
الغرق فاستقيما ← على الرسالة والدعوة إلى أن يأتيهم العذاب ولا تتبعان سبيل
الذين لا يعلمون ← في استعجال قضائي روي أنه مكث بعدها أربعين سنة .
وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتْبَعَهُمْ ← لحقهم فرعون وجنود بغيا وعدوا ← مفعول له حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه ← أي بأنه وفي قراءة بالكسر استئنافا
لا إله الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين ← كرره ليقبل منه فلم يقبل،
ودس جبريل في فيه من حمأة البحر مخافة أن تناله الرحمة، وقال له .
فاليوم ننجيك ← نخرجك من البحر ببدنك ← جسدك الذي لا روح فيه لتكون لمن خلفك
← بعدك آية ← عبرة فيعرفوا عبوديتك ولا يقدموا على مثل فعلك وعن ابن عباس أن بعض
بني إسرائيل شكوا في موته فأخرج لهم ليروه وإن كثيرا من الناس ← أي أهل مكة عن
آياتنا لغافلون ← لا يعتبرون بها .
ولقد بوأنا ← أنزلنا بني إسرائيل مُبَوّأ صدق ← منزل كرامة وهو الشام ومصر ورزقناهم من الطيبات فما اختلفوا ← بأن آمن بعض وكفر بعض حتى جاءهم العلم إن
ربَّك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون ← من أمر الدين بإنجاء
المؤمنين وتعذيب الكافرين .
{( فإن كنت ) يا محمد ( في شك مما أنزلنا إليك ) من القصص فرضاً ( فاسأل الذين
يقرءون الكتاب ) التوراة ( من قبلك ) فإنه ثابت عندهم يخبروك بصدقه قال صلى الله
عليه وسلم : "" لا أشك ولا أسأل "" ( لقد جاءك الحق من ربك فلا تكونن من الممترين )
الشاكين فيه .
فلولا ← فهلا كانت قرية ← أريد أهلها آمنت ← قبل نزول العذاب بها فنفعها
إيمانها إلا ← لكن قوم يونس لما آمنوا ← عند رؤية أمارة العذاب ولم يؤخروا إلى
حلوله كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين ← انقضاء آجالهم
.
قل ← لكفار مكة انظروا ماذا ← أي الذي في السماوات والأرض ← من الآيات الدالة
على وحدانية الله تعالى وما تغني الآيات والنذر ← جمع نذير أي الرسل عن قوم لا
يؤمنون ← في علم الله أي ما تنفعهم .
قل يا أيها الناس ← أي أهل مكة إن كنتم في شك من ديني ← أنه حق فلا أعبد
الذين تعبدون من دون الله ← أي غيره، وهو الأصنام لشككم فيه ولكن أعبد الله الذي
يتوفّاكم ← يقبض أرواحكم وأمرت أن ← أي بأن أكون من المؤمنين } .
وإن يَمسسك ← يصبك الله بضر ← كفقر ومرض فلا كاشف ← رافع له إلا هو وإن
يردك بخير فلا راد ← دافع لفضله ← الذي أرادك به يصيب به ← أي بالخير من شاء
من عباده وهو الغفور الرحيم } .
قل يا أيها الناس ← أي أهل مكة قد جاءكم الحق من ربكم فمن اهتدى فإنما يهتدي
لنفسه ← لأن ثواب اهتدائه له ومن ضل فإنما يضل عليها ← لأن وبال ضلاله عليها وما أنا عليكم بوكيل ← فأجبركم على الهدى .
واتبع ما يوحى إليك ← من ربِّك واصبر ← على الدعوة وأذاهم حتى يحكم الله ← فيهم بأمره وهو خير الحاكمين ← أعدَلهم، وقد صبر حتى حكم على المشركين بالقتال
وأهل الكتاب بالجزية .