وأن استغفروا ربكم ← من الشرك ثم توبوا ← ارجعوا إليه ← بالطاعة يمتعكم ← في الدنيا متاعا حسنا ← بطيب عيش وسعة رزق إلى أجل مسمى ← هو الموت ويؤت ← في
الآخرة كل ذي فضل ← في العمل فضله ← جزاءه وإن تولّوا ← فيه حذف إحدى
التاءين، أي تُعرضوا فإني أخاف عليكم عذاب يوم كبير ← هو يوم القيامة .
ونزل كما رواه البخاري عن ابن عباس فيمن كان يستحي أن يتخلى أو يجامع فيقبض إلى
السماء وقبل في المنافقين ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه ← أي الله ألا
حين يستغشون ثيابهم ← يتغطون بها يعلم ← تعالى ما يُسرون وما يُعلنون ← فلا
يُغني استخفاؤهم إنه عليم بذات الصدور ← أي بما في القلوب .
وما من ← زائدة دابة في الأرض ← هي ما دبَّ عليها إلا على الله رزقها ← تكفل
به فضلا منه تعالى ويعلم مستقرها ← مسكنها في الدنيا أو الصُلب ومستودعها ← من
الموت أو في الرحم كل ← ما ذكر في كتاب مبين ← بيِّن هو اللوح المحفوظ .
وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ← أولها الأحد وآخرها الجمعة وكان
عرشه ← قبل خلقهما على الماء ← وهو على متن الريح ليبلوكم ← متعلق بخلق أي
خلقهما وما فيهما من منافع لكم ومصالح ليختبركم أيكم أحسن عملا ← أي أطوع لله ولئن قلت ← يا محمد لهم إنكم مبعوثون من بعد الموت ليقولن الذين كفروا إن ← ما هذا ← القرآن الناطق بالبعث أو الذي تقوله إلا سحر مبين ← بيَّن وفي قراءة ساحر :
والمشار إليه النبي.
ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى ← مجيء أمة ← أوقات معدودة ليقولن ← استهزاء ما
يحبسه ← ما يمنعه من النزول قال تعالى: ألا يوم يأتيهم ليس مصروفا ← مدفوعا عنهم وحاق ← نزل بهم ما كانوا به يستهزئون ← من العذاب .
ولئن أذقناه نعماءَ بعد ضرَّاء ← فقر وشدة مَسَّته ليقولون ذهب السيئات ← المصائب عني ← ولم يتوقع زوالها ولا شكر عليها إنه لفرح ← بطر فخور ← على
الناس بما أوتي .
فلعلك ← يا محمد تارك بعض ما يوحى إليك ← فلا تبلغهم إياه لتهاونهم به وضائق
به صدرك ← بتلاوته عليهم لأجل أن يقولوا لوْلا ← هلا أنزل عليه كنز أو جاء معه
مَلَكٌ ← يصدقه كما اقترحنا إنما أنت نذير ← فما عليك إلا البلاغ لا الإتيان بما
اقترحوا والله على كل شيء وكيل ← حفيظ فيجازيهم .
أم ← بل أ يقولون افتراه ← أي القرآن قل فأتوا بعشر سور مثله ← في الفصاحة
والبلاغة مفتريات ← فإنكم عربيون فصحاء مثلي تحداهم بها أولا ثم بسورة وادعوا ← للمعاونة على ذلك من استطعتم من دون الله ← أي غيره إن كنتم صادقين ← في أنه
افتراء .
فإ ← ن لم يستجيبوا لكم ← أي من دعوتموهم للمعاونة فاعلموا ← خطاب للمشركين أنما أنزل ← ملتبسا بعلم الله ← وليس افتراء عليه وأن ← مخففة أي أنه لا إله
إلا هو فهل أنتم مسلمون ← بعد هذه الحجة القاطعة أي أسلموا .
من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها ← بأن أصَرَّ على الشرك، وقيل هي في المرائين
نوفِّ إليهم أعمالهم ← أي جزاء ما عملوه من خير كصدقة وصلة رحم فيها ← بأن نوسع
عليهم رزقهم وهم فيها ← أي الدنيا لا يبخسون ← ينقصون شيئا .
أفمن كان على بيِّنة← بيان من ربه ← وهو النبي أو المؤمنون، وهي القرآن ويتلوه ← يتبعه شاهد ← له بصدقه منه ← أي من الله وهو جبريل ومن قبله ← القرآن كتاب موسى ← التوراة شاهد له أيضا إماما ورحمة ← حال كمن ليس كذلك ؟ لا
أولئك ← أي من كان على بينة يؤمنون به ← أي بالقرآن فلهم الجنة ومن يكفر به
من الأحزاب ← جميع الكفار فالنار موعده فلا تَكُ في مِرْيَةِ ← شك منه ← من
القرآن إنه الحق من ربك ولكن أكثر الناس ← أي أهل مكة لا يؤمنون } .
ومن ← أي لا أحد أظلم ممن افترى على الله كذبا ← بنسبة الشريك والولد إليه أولئك يُعرضون على ربهم ← يوم القيامة في جملة الخلق ويقول الأشهاد ← جمع شاهد،
وهم الملائكة يشهدون للرسل بالبلاغ وعلى الكفار بالتكذيب هؤلاء الذين كذبوا على
ربهم ألا لعنة الله على الظالمين ← المشركين .
أولئك لم يكونوا معجزين ← الله في الأرض وما كان لهم من دون الله ← أي غيره من أولياء ← أنصار يمنعونهم من عذابه يضاعف لهم العذاب ← بإضلالهم غيرهم وما
كانوا يستطيعون السمع ← للحق وما كانوا يبصرونـ ← ـه أي لفرط كراهتهم له كأنهم لم
يستطيعوا ذلك .
مثل ← صفة الفريقين ← الكفار والمؤمنين كالأعمى والأصم ← هذا مثل الكافر والبصير والسميع ← هذا مثل المؤمن هل يستويان مثلا ← لا أفلا تذَّكرون ← فيه
إدغام التاء في الأصل في الذال تتعظون .
فقال الملأ الذين كفروا من قومه ← وهم الأشراف ما نراك إلا بشرا مثلنا ← ولا
فضل لك علينا وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا ← أسافلنا كالحاكة والأساكفة بادئ الرأي ← بالهمز وتركه أي ابتداء من غير تفكر فيك ونصبه على الظرف أي وقت حدوث
أول رأيهم وما نرى لكم علينا من فضل ← فتستحقون به الاتباع منا بل نظنكم كاذبين
← في دعوى الرسالة أدرجوا قومه معه في الخطاب .
قال يا قوم أرأيتم ← أخبروني إن كنت على بينة ← بيان من ربي وآتاني رحمة ← نبوة من عنده فَعَميتْ ← خفيت عليكم ← وفي قراءة بتشديد الميم والبناء للمفعول
أنُلزمُكُموها ← أنجبركم على قبولها وأنتم لها كارهون ← لا نقدر على ذلك .
ويا قوم لا أسألكم عليه ← على تبليغ الرسالة مالا ← تعطونيه إن ← ما أجري ← ثوابي إلا على الله وما أنا بطارد الذين آمنوا ← كما أمرتموني إنهم ملاقو ربهم
← بالبعث فيجازيهم ويأخذ لهم ممن ظلمهم وطردهم ولكني أراكم قوما تجهلون ← عاقبة
أمركم .
ولا أقول لكم عندي خزائن الله ولا ← إني أعلم الغيب ولا أقول إني مَلَكٌ ← بل
أنا بشر مثلكم ولا أقول للذين تزدري ← تحتقر أعينكم لن يؤتيهم الله خيرا الله
أعلم بما في أنفسهم ← قلوبهم إني إذًا ← إن قلت ذلك لمن الظالمين } .
{( ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم ) أي إغواءكم ،
وجواب الشرط دل عليه "" ولا ينفعكم نصحي "" ( هو ربكم وإليه ترجعون ) قال تعالى :
أم ← بل أ يقولون ← أي كفار مكة افتراه ← اختلق محمد القرآن قل إن افتريته
فعليَّ إجرامي ← إثمي، أي عقوبته وأنا بريء مما تجرمون ← من إجرامكم في نسبة
الافتراء إلي .
{( وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس ) تحزن ( بما كانوا
يفعلون ) من الشرك فدعا عليهم بقوله ، "" رب لا تذر على الأرض "" إلخ ، فأجاب الله
دعاءه فقال :
ويصنع الفلك ← حكاية حال ماضية وكلما مرَّ عليه ملاٌ ← جماعة من قومه سخروا
منه ← استهزءوا به قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون ← إذا نجونا
وغرقتم .
حتى ← غاية للصنع إذا جاء أمرنا ← بإهلاكهم وفار التنور ← للخباز بالماء وكان
ذلك علامة لنوح قلنا احمل فيها ← في السفينة من كلِ زوجين ← ذكرا وأنثى، أي من
كل أنواعهما اثنين ← ذكرا وأنثى وهو مفعول وفي القصة أن الله حشر لنوح السباع
والطير وغيرها، فجعل يضرب بيديه في كل نوع فتقع يده اليمنى على الذكر واليسرى على
الأنثى فيحملهما في السفينة وأهلك ← أي زوجته وأولاده إلا من سبق عليه القول ← أي منهم بالإهلاك وهو زوجته وولده كنعان بخلاف سام وحام ويافث فحملهم وزوجاتهم
الثلاثة ومن آمن وما آمن معه إلا قليل ← قيل كانوا ستة رجال ونساءهم وقيل : جميع
من كان في السفينة ثمانون نصفهم رجال ونصفهم نساء.
قال سآوي إلى جبل يعصمني ← يمنعني من الماء قال لا عاصم اليوم من أمر الله ← عذابه إلا ← لكن من رحم ← الله فهو المعصوم قال تعالى وحال بينهما الموج فكان
من المغرقين } .
وقيل يا أرض ابلعي ماءك ← الذي نبع منك فشربته دون ما نزل من السماء فصار أنهارا
وبحارا ويا سماء أقلعي ← أمسكي عن المطر فأمسكت وغيض ← نقص الماء وقضي الأمر
← تم أمر هلاك قوم نوح واستوت ← وقفت السفينة على الجودِي ← جبل بالجزيرة بقرب
الموصل وقيل بُعدا ← هلاكا للقوم الظالمين ← الكافرين .
قال ← تعالى يا نوح إنه ليس من أهلك ← الناجين أو من أهل دينك إنه ← أي سؤالك
إياي بنجاته عمل غير صالح ← فإنه كافر ولا نجاة للكافرين وفي قراءة بكسر ميم عمل
فعل ونصب غير فالضمير لابنه فلا تسألنّ ← بالتشديد والتخفيف وما ليس لك به علم
← من إنجاء ابنك إني أعظك أن تكون من الجاهلين ← بسؤالك ما لم تعلم .
قيل يا نوح اهبط ← انزل من السفينة بسلام ← بسلامة أو بتحية منا وبركات ← خيرات عليك وعلى أمم ممن معك ← في السفينة أي من أولادهم وذريتهم وهم المؤمنون وأمم ← بالرفع ممن معك سنمتعهم ← في الدنيا ثم يَمَسُّهم منا عذاب أليم ← في
الآخرة وهم الكفار .
تلك ← أي هذه الآيات المتضمنة قصة نوح من أنباء الغيب ← أخبار ما غاب عنك نوحيها إليك ← يا محمد ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا ← القرآن فاصبر ← على التبليغ وأذى قومك كما صبر نوح إن العاقبة ← المحمودة للمتقين } .
و ← أرسلنا إلى عاد أخاهم ← من القبيلة هودا قال يا قوم اعبدوا الله ← وَحِّدوهُ ما لكم من ← زائدة إله غيره إن ← ما أنتم ← في عبادتكم الأوثان إلا مفترون ← كاذبون على الله .
ويا قوم استغفروا ربكم ← من الشرك ثم توبوا ← ارجعوا إليه ← بالطاعة يرسل
السماء ← المطر وكانوا قد منعوه عليكم مِدرارا ← كثير الدرور ويزدكم قوة إلى ← مع قوتكم ← بالمال والولد ولا تتولوا مجرمين ← مشركين .
إن ← ما نقول ← في شأنك إلا اعتراك ← أصابك بعض آلهتنا بسوءٍ ← فخبلك لسبك
إياها فأنت تهذي قال إني أشهد الله ← عليَّ واشهدوا أني بريء مما تشركونـ ← ـه
به .
إني توكلت على الله ربي وربكم ما من ← زائدة دابة ← نسمة تدب على الأرض إلا
هو آخذ بناصيتها ← أي مالكها وقاهرها فلا نفع ولا ضرر إلا بإذنه، وخص الناصية
بالذكر لأن من أخذ بناصيته يكون في غاية الذل إن ربي على صراط مستقيم ← أي طريق
الحق والعدل .
فإن تولوْا ← فيه حذف إحدى التاءين، أي تعرضوا فقد أبلغتكم ما أرسلت به إليكم
ويستخلف ربي قوما غيركم ولا تضرونه شيئا ← بإشراككم إن ربي على كل شيء حفيظ ← رقيب .
وَتِلْكَ عَادٌ ← إِشارة إلى آثارهم، أي فسيحوا في الأرض وانظروا إليها، ثم وصف
أحوالهم فقال جَحَدُواْ بِئَايَٰتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْاْ رُسُلَهُ ← جُمِعَ لأن
من عصى رسولاً عصى جميع الرسل لاشتراكهم في أصل ما جاؤوا به وهو التوحيد وَٱتَّبَعُواْ ← أي السفلة أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ← معاند للحق من
رؤسائهم.
و ← أرسلنا إلى ثمود أخاهم ← من القبيلة صالحا قال يا قوم اعبدوا الله ← وحدوه ما لكم من إله غيره هو أنشأكم ← ابتدأ خلقكم من الأرض ← بخلق أبيكم آدم
منها واستعمركم فيها ← جعلكم عمارا تسكنون بها فاستغفروه ← من الشرك ثم توبوا
← ارجعوا إليه ← بالطاعة إن ربي قريب ← من خلقه بعلمه مجيب ← لمن سأله .
قالوا يا صالح قد كنت فينا مرجوًّا ← نرجو أن تكون سيدا قبل هذا ← الذي صدر منك
أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا ← من الأوثان وإننا لفي شك مما تدعونا إليه ← من التوحيد مريب ← موقع في الريب .
قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بيِّنة ← بيان من ربي وآتاني منه رحمة ← نبوة فمن ينصرني ← يمنعني من الله ← أي عذابه إن عصيته فما تزيدونني ← بأمركم لي
بذلك غير تخسير ← تضليل .
فلما جاء أمرنا ← بإهلاكهم نجَّينا صالحا والذين آمنوا معه ← وهم أربعة آلاف برحمة منا و ← نجيناهم من خزي يومِئذ ← بكسر الميم إعرابا وفتحها بناء لإضافته
إلى مبني وهو الأكثر إن ربك هو القوي العزيز ← الغالب .
قالت يا ويلتى ← كلمة تقال عند أمر عظيم والألف مبدلة من ياء الإضافة أألد وأنا
عجوز ← لي تسع وتسعون سنة وهذا بعلي شيخا ← له مائة وعشرون نصبه على الحال والعامل
فيه ما في ذا من الإشارة إن هذا لشيء عجيب ← أن يولد ولد لهرمين .
إن إبراهيم لحليم ← كثير الأناة أوَّاهٌ مُنيب ← رجّاع، فقال لهم أتهلكون قرية
فيها ثلاثمائة مؤمن ؟ قالوا لا، أفتهلكون قرية فيها مائتا مؤمن ؟ قالوا لا، قال
أفتهلكون قرية فيها أربعون مؤمنا ؟ قالوا لا، قال أفتهلكون قرية فيها أربعة عشر
مؤمنا ؟ قالوا لا، قال أفرأيتم إن كان فيها مؤمن واحد قالوا لا، إن فيها لوطا قالوا
نحن أعلم بمن فيها إلخ .
وجاءه قومه ← لما علموا بهم يُهرعون ← يسرعون إليه ومن قبل ← قبل مجيئهم كانوا يعملون السيئات ← وهي إتيان الرجال في الأدبار قال ← لوط يا قوم هؤلاء
بناتي ← فتزوجوهن هن أطهر لكم فاتقوا الله ولا تخزون ← تفضحون في ضيفي ← أضيافي
أليس منكم رجل رشيد ← يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر .
قالوا يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك ← بسوء فأسرِ بأهلك بقطع ← طائفة من
الليل ولا يلتفت منكم أحد ← لئلا يرى عظيم ما ينزل بهم إلا امرأتُك ← بالرفع بدل
من أحد وفي قراءة بالنصب استثناء من الأهل أي فلا تسر بها إنه مصيبها ما أصابهم ← فقيل لم يخرج بها وقيل خرجت والتفتت فقالت واقوماه فجاءها حجر فقتلها، وسألهم عن
وقت هلاكهم فقالوا إن موعدهم الصبح ← فقال أريد أعجل من ذلك قالوا أليس الصبح
بقريب } .
فلما جاء أمرنا ← بإهلاكهم جعلنا عاليها ← أي قراهم سافلها ← أي بأن رفعها
جبريل إلى السماء وأسقطها مقلوبة إلى الأرض وأمطرنا عليها حجارة من سجيل ← طين
طبخ بالنار منضود ← متتابع.
و ← أرسلنا إلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ← وَحّدوه ما لكم من
إله غيره ولا تنقصوا المكيال والميزان إني أراكم بخير ← نعمة تغنيكم عن التطفيف وإني أخاف عليكم ← إن لم تؤمنوا عذاب يوم محيط ← بكم يهلككم ووصف اليوم به مجاز
لوقوعه فيها .
ويا قوم أوفوا المكيال والميزان ← أتموهما بالقسط ← بالعدل ولا تبخسوا الناس
أشياءهم ← لا تنقصوهم من حقهم شيئا ولا تعثوا في الأرض مفسدين ← بالقتل وغيره من
عثي بكسر المثلثة أفسد ومفسدين حال مؤكدة لمعنى عاملها تعثوا .
بقيَّتُ الله ← رزقه الباقي لكم بعد إيفاء الكيل والوزن خير لكم ← من البخس إن كنتم مؤمنين } وما أنا عليكم بحفيظ ← رقيب أجازيكم بأعمالكم إنما بعثت نذيرا .
قالوا ← له استهزاء يا شعيب أصلاتك تأمرك ← بتكليف أن نترك ما يعبد آباؤنا ← من الأصنام أو ← نترك أن نفعل في أموالنا ما نشاء ← المعنى هذا أمر باطل لا
يدعو إليه داع بخير إنك لأنت الحليم الرشيد ← قالوا ذلك استهزاء .
قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي ورزقني منه رزقا حسنا ← حلالا أفأشوبه
بالحرام من البخس والتطفيف وما أريد أن أخالفكم ← وأذهب إلى ما أنهاكم عنه ← فأرتكبه إن ← ما أريد إلا الإصلاح ← لكم بالعدل ما استطعت وما توفيقي ← قدرتي
على ذلك وغيره من الطاعات إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب ← أرجع .
ويا قوم لا يجرمنكم ← يكسبنكم شقاقي ← خلافي فاعل يجرم والضمير مفعول أول،
والثاني أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح ← من العذاب وما
قوم لوط ← أي منازلهم أو زمن هلاكهم منكم ببعيد ← فاعتبروا .
قالوا ← إيذانا بقلة المبالاة يا شعيب ما نفقهُ ← نفهم كثيرا مما تقول وإنا
لنراك فينا ضعيفا ← ذليلا ولولا رهطك ← عشيرتك لرجمناك ← بالحجارة وما أنت
علينا بعزيز ← كريم عن الرجم وإنما رهطك هم الأعزة .
قال يا قوم أرهطي أعز عليكم من الله ← فتتركوا قتلي لأجلهم ولا تحفظوني لله واتخذتموه ← أي الله وراءكم ظهريا ← منبوذا خلف ظهوركم لا تراقبونه إن ربي بما
تعملون محيط ← علما فيجازيكم .
ولما جاء أمرنا ← بإهلاكهم نجينا شعيبا والذين آمنوا معه برحمة منا وأخذت الذين
ظلموا الصيحة ← صاح بهم جبريل فأصبحوا في ديارهم جاثمين ← باركين على الركب ميتين
.
ذلك ← المذكور مبتدأ خبره من أنباء القرى نقصّه عليك ← يا محمد منها ← أي
القرى قائم ← هلك أهله دونه و ← منها حصيد ← هلك بأهله فلا أثر له كالزرع
المحصود بالمناجل .
وما ظلمناهم ← بإهلاكهم بغير ذنب ولكن ظلموا أنفسهم ← بالشرك فما أغنت ← دفعت
عنهم آلهتهم التي يدعون ← يعبدون من دون الله ← أي غيره من ← زائدة شيء لما
جاء أمر ربك ← عذابه وما زادوهم ← بعبادتهم لها غير تتبيب ← تخسير .
وكذلك ← مثل ذلك الأخذ أخذ ربك إذا أخذ القرى ← أريد أهلها وهي ظالمة ← بالذنوب: أي فلا يغني عنهم من أخذه شيء إن أخذه أليم شديد ← روى الشيخان عن أبي
موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن الله ليملي للظالم حتى إذا
أخذه لم يفلته)، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم (وكذلك أخذ ربك) الآية .
خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض ← أي مدة دوامهما في الدنيا إلا ← غير ما شاء ربك ← من الزيادة على مدتهما مما لا منتهى له والمعنى خالدين فيها أبدا إن
ربك فعال لما يريد } .
وأما الذين سَُعدوا ← بفتح السين وضمها ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السماوات
والأرض إلا ← غير ما شاء ربك ← كما تقدم، ودل عليه فيهم قوله عطاءً غير مجذوذ ← مقطوع وما تقدم من التأويل هو الذي ظهر وهو خال من التكلف والله أعلم بمراده .
فلا تَكُ ← يا محمد في مرية ← شك مما يعبد هؤلاء ← من الأصنام إنا نعذبهم كما
عذبنا من قبلهم وهذا تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم ما يعبدون إلا كما يعبد
آباؤهم ← أي كعبادتهم من قبل ← وقد عذبناهم وإنا لموفوهم ← مثلهم نصيبهم ← حظهم من العذاب غير منقوص ← أي تاما .
ولقد آتينا موسى الكتاب ← التوراة فاختلف فيه ← بالتصديق والتكذيب كالقرآن ولولا كلمة سبقت من ربك ← بتأخير الحساب والجزاء للخلائق إلى يوم القيامة لقضي
بينهم ← في الدنيا فيما اختلفوا فيه وإنهم ← أي المكذِّبين به لفي شك منه مريب
← موقع في الريبة .
وإن ← بالتخفيف والتشديد كلا ← أي كل الخلائق لما ← ما زائدة واللام موطئة
لقسم مقدر أو فارقة وفي قراءة بتشديد لما بمعنى إلا فإن نافية ليوفينهم ربك
أعمالهم ← أي جزاءها إنه بما يعملون خبير ← عالم ببواطنه كظواهره .
ولا تركنوا ← تميلوا إلى الذين ظلموا ← بمودة أو مداهنة أو رضا بأعمالهم فتمسكم ← تصيبكم النار وما لكم من دون الله ← أي غيره من ← زائدة أولياء ← يحفظونكم منه ثم لا تنصرون ← تمتعون من عذابه .
{( وأقم الصلاة طرفي النهار ) الغداة والعشي أي : الصبح والظهر والعصر ( وزلفا ) جمع
زلفة أي : طائفة ( من الليل ) المغرب والعشاء ( إن الحسنات ) كالصلوات الخمس (
يذهبن السيئات ) الذنوب الصغائر نزلت فيمن قبل أجنبية فأخبره النبي صلى الله عليه
وسلم فقال ألي هذا ؟ فقال "" لجميع أمتي كلهم "" رواه الشيخان ( ذلك ذكرى للذاكرين
) عظة للمتعظين .
فلولا ← فهلا كان من القرون ← الأمم الماضية من قبلكم أولو بقية ← أصحاب دين
وفضل ينهون عن الفساد في الأرض ← المراد به النفي: أي ما كان فيهم ذلك إلا ← لكن قليلا ممن أنجينا منهم ← نهوا فنجوا ومن للبيان واتبع الذين ظلموا ← بالفساد وترك النهي ما أترفوا ← نعموا فيه وكانوا مجرمين } .