{ والتين والزيتون } ، قال ابن عباس، والحسن، ومجاهد، وإبراهيم، وعطاء بن أبي رباح، ومقاتل، والكلبي: هو تينكم هذا الذي تأكلونه، وزيتونكم هذا الذي تعصرون منه الزيت. قيل: خص التين بالقسم لأنها فاكهة مخلصة لا عجم لها، شبيهة بفواكه الجنة. وخص الزيتون لكثرة منافعه، ولأنه شجرة مباركة جاء بها الحديث، وهو ثمر ودهن يصلح للاصطباغ والاصطباح. وقال عكرمة: هما جبلان. قال قتادة: التين: الجبل الذي عليه دمشق، و الزيتون: الجبل الذي عليه بيت المقدس، لأنهما ينبتان التين والزيتون. وقال الضحاك: هما مسجدان بالشام. وقال ابن زيد: التين: مسجد دمشق، و الزيتون: مسجد بيت المقدس. وقال محمد بن كعب: التين مسجد أصحاب الكهف، والزيتون: مسجد إيليا.
{ والمقسم عليه قوله { لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم } ، أي: أعدل قامة وأحسن صورة، وذلك أنه خلق كل حيوان منكباً على وجهه إلا الإنسان خلقه مديد القامة، يتناول مأكوله بيده، مزيناً بالعقل والتمييز.
{ ثم رددناه أسفل سافلين } ، يريد إلى الهرم وأرذل العمر، فينقص عقله ويضعف بدنه، والسافلون: هم الضعفاء والزمنى والأطفال، فالشيخ الكبير أسفل من هؤلاء جميعاً، و { أسفل سافلين ، { نكرة تعم الجنس، كما تقول: فلان أكرم قائم فإذا عرفت قلت: أكرم القائمين. وفي مصحف عبد الله أسفل السافلين. وقال الحسن، وقتادة، ومجاهد: يعني ثم رددناه إلى النار، يعني إلى أسفل السافلين، لأن جهنم بعضها أسفل من بعض. قال أبو العالية: يعني إلى النار في شر صورة، في صورة خنزير.
{ ثم استثنى فقال: '' إلا الذين آمنوا ، { فإنهم لا يردون إلى النار. ومن قال بالقول الأول قال: رددناه أسفل سافلين، فزالت عقولهم وانقطعت أعمالهم، فلا يكتب لهم حسنة إلا الذين آمنوا. '' وعملوا الصالحات } ، فإنه يكتب لهم بعد الهرم، والخرف، مثل الذين كانوا يعملون في حال الشباب والصحة. قال ابن عباس: هم نفر ردوا إلى أرذل العمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله تعالى عذرهم. وأخبر أن لهم أجرهم الذي عملوا قبل أن تذهب عقولهم. قال عكرمة: لم يضر هذا الشيخ كبره إذ ختم الله له بأحسن ما كان يعمل. وروى عاصم الأحول عن عكرمة عن ابن عباس قال: '' إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ، { قال: '' إلا الذين آمنوا ، { قرؤوا القرآن، وقال: من قرأ القرآن لم يرد إلى أرذل العمر. '' فلهم أجر غير ممنون } ، غير مقطوع، لأنه يكتب له كصالح ما كان يعمل. قال الضحاك: أجر بغير عمل.
{ ثم قال: إلزاماً للحجة: '' فما يكذبك } ، أي أمن يكذبك. وقيل: أي شيء يكذبك؟ أي يحملك على الكذب، وقيل: على التكذيب أيها الإنسان، { بعد } ، أي بعد هذه الحجة والبرهان، { بالدين } ، بالحساب والجزاء، والمعنى: ألا تتفكر في صورتك وشبابك وهرمك فتعتبر وتقول: إن الذي فعل ذلك قادر على أن يبعثني ويحاسبني، فما الذي يكذبك بالمجازاة بعد هذه الحجج؟
{ أليس الله بأحكم الحاكمين } ، بأقضى القاضين، قال مقاتل: أليس الله يحكم بينك وبين أهل التكذيب بك يا محمد. وروينا { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قرأ { والتين والزيتون ، { فانتهى إلى آخرها: '' أليس الله بأحكم الحاكمين ، { فليقل: بلى، وأنا على ذلك من الشاهدين }. أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل، أخبرنا أبو الوليد، حدثنا شعبة عن عدي بن ثابت الأنصاري قال: سمعت البراء بن عازب قال: '' إن النبي صلى الله عليه وسلم كان في سفر فقرأ في العشاء في إحدى الركعتين بالتين والزيتون. .
نهاية تفسير السورة - تفسير القرآن الكريم
End of Tafseer of The Surah - The Holy Quran Tafseer