في أدنى الأرض ← أي أقرب أرض الروم إلى فارس بالجزيرة التقى فيها الجيشان والبادي
بالغزو الفرس وهم ← أي الروم من بعد غلبهم ← أضيف المصدر إلى المفعول: أي غلبة
فارس إياهم سيغلبون ← فارس.
في بضع سنين ← هو ما بين الثلاث إلى التسع أو العشر، فالتقي الجيشان في السنة
السابعة من الالتقاء الأول وغلبت الروم فارس لله الأمر من قبل ومن بعد ← أي من
قبل غلب الروم ومن بعده المعنى أن غلبة فارس أولا وغلبة الروم ثانيا بأمر الله: أي
إرادته ويومئذٍ ← أي يوم تغلب الروم يفرح المؤمنون } .
بنصر الله ← إياهم على فارس وقد فرحوا بذلك وعلموا به يوم وقوعه أي يوم بدر بنزول
جبريل بذلك مع فرحهم بنصرهم على قتل المشركين فيه ينصر من يشاء وهو العزيز ← الغالب الرحيم ← بالمؤمنين ←
أَو لم يتفكروا في أنفسهم← ليرجعوا عن غفلتهم ما خلق الله السماوات والأرض وما
بينهما إلا بالحق وأجلٍ مسمى← لذلك تفنى عند انتهائه وبعد البعث وإن كثيرا من
الناس← أي: كفار مكة بلقاء ربهم لكافرون← أي لا يؤمنون بالبعث بعد الموت.
أوَ لم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كانَ عاقبة الذين من قبلهم ← من الأمم وهي
إهلاكهم بتكذيبهم رسلهم كانوا أشد منهم قوة ← كعاد وثمود وأثاروا الأرض ← حرثوها وقلبوها للزرع والغرس وعمَروها أكثر ممّا عمروها ← أي كفار مكة وجاءَتهم
رسلهم بالبينات ← بالحجج الظاهرات فما كان الله ليظلمهم ← بإهلاكهم بغير جرم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ← بتكذيبهم رسلهم.
ثم كان عاقبة الذين أساءُوا السُّوأى ← تأنيث الأسوأ: الأقبح خبر كان على رفع عاقبة
واسم كان على نصب عاقبة، والمراد بها جهنم وإساءتهم أن ← أي: بأن كذبوا بآيات
الله ← القرآن وكانوا بها يستهزءُون } .
يُخرج الحي من الميت ← كالإنسان من النطفة والطائر من البيضة ويخرج الميت ← النطفة والبيضة من الحي ويحيي الأرض ← بالنبات بعد موتها ← أي يبسها وكذلك ← الإخراج تَخرجون ← من القبور بالبناء للفاعل والمفعول.
ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا← فخلقت حواء من ضلع آدم وسائر الناس من
نطف الرجال والنساء لتسكنوا إليها ← وتألفوها وجعل بينكم ← جميعا مودةً ورحمة
إن في ذَلك ← المذكور لآيات لقوم يتفكرون ← في صنع الله تعالى.
ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم ← أي لغاتكم من عربية وعجمية
وغيرها وألوانكم ← من بياض وسواد وغيرهما، وأنتم أولاد رجل واحد وامرأة واحدة إن في ذلك لآيات ← دلالات على قدرته تعالى للعالمين ← بفتح اللام وكسرها، أي: ذوي
العقول وأولي العلم.
ومن آياته منامكم بالليل والنهار ← بإرادته راحة لكم وابتغاؤكم ← بالنهار من
فضله ← أي: تصرفكم في طلب المعِيشة بإرادته إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون ← سماع
تدبر واعتبار.
ومن آياته يريكم ← أي إراءتكم البرق خوفا← للمسافر من الصواعق وطمعا← للمقيم
في المطر وينزل من السماء ماءً فيحيي به الأرض بعد موتها ← أي: يبسطها بأن تنبت إن في ذلك ← المذكور لآيات لقوم يعقلون ← يتدبرون.
ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره ← بإرادته من غير عمد ثم إذا دعاكم دعوة
من الأرض ← بأن ينفخ إسرافيل في الصور للبعث من القبور إذا أنتم تخرجون ← منها
أحياء فخروجكم منها بدعوة من آياته تعالى.
وهو الذي يبدأ الخلق ← للناس ثم يعيده ← بعد هلاكهم وهو أهون عليه ← من البدء
بالنظر إلى ما عند المخاطبين من أن إعادة الشيء أسهل من ابتدائه وإلا فهما عند الله
تعالى سواء في السهولة وله المثل الأعلى في السماوات والأرض ← أي: الصفة العليا،
وهي أنه لا إله إلا هو وهو العزيز ← في ملكه الحكيم ← في خلقه.
ضرب ← جعل لكم ← أيها المشركون مثلا← كائنا من أنفسكم ← وهو هل لكم من ما
ملكت أيمانكم ← أي من مماليككم من شركاء ← لكم فيما رزقناكم ← من الأموال
وغيرها فأنتم ← وهم فيه سواءٌ تخافونهم كخيفتكم أنفسكم ← أي أمثالكم من الأحرار
والاستفهام بمعنى النفي المعنى: ليس مماليككم شركاء لكم إلى آخره عندكم فكيف تجعلون
بعض مماليك الله شركاء له كذلك نفصِّل الآيات ← نبنيها مثل ذلك التفصيل لقومٍ
يعقلون← يتدبرون.
فأقم ← يا محمد وجهك للدين حنيفا← مائلا إليه: أي أخلص دينك لله أنت ومن تبعك فطرتَ الله ← خلقته التي فطر الناس عليها ← وهي دينه أي: الزموها لا تبديل لخلق
الله ← لدينه أي: لا تبدلوه بأن تشركوا ذلك الدين القيّم ← المستقيم توحيد الله ولكن أكثر الناس ← أي كفار مكة لا يعلمون ← توحيد الله.
من الذين ← بدل بإعادة الجار فرقوا دينهم ← باختلافهم فيما يعبدونه وكانوا
شيعاً ← فرقاً في ذلك كل حزبٍ ← منهم بما لديهم ← عندهم فرحون ← مسرورون، وفي
قراءة فارقوا: أي تركوا دينهم الذي أمروا به.
وإذا أذقنا الناس ← كفار مكة وغيرهم رحمة ← نعمةً فرحوا بها ← فرح بطر وإن
تصبهم سيئة ← شدة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون ← ييأسون من الرحمة ومن شأن
المؤمن أن يشكر عند النعمة ويرجو ربه عند الشدة.
فآت ذا القربى ← القرابة حقه ← من البر والصلة والمسكين وابن السبيل ← المسافر من الصدقة، وأمة النبي تبع له في ذلك ذلك خير للذين يريدون وجه الله ← أي
ثوابه بما يعملون وأولئك هم المفلحون ← الفائزون.
وما آتيتم من رِبا← بأن يعطي شيء هبة أو هدية ليطلب أكثر منه، فسمي باسم المطلوب
من الزيادة في المعاملة ليربوَ في أموال الناس ← المعطين، أي يزيد فلا يربو ← يزكو عند الله ← لا ثواب فيه للمعطين وما آتيتم من زكاة ← صدقة تريدون ← بها
وجه الله فأولئك هم المضعفون ← ثوابهم بما أرادوه، فيه التفات عن الخطاب.
ظهر الفساد في البر ← أي القفار بقحط المطر وقلة النبات والبحر ← أي البلاد
التي على الأنهار بقلة مائها بما كسبت أيدي الناس ← من المعاصي ليذيقهم ← بالياء والنون بعض الذي عملوا ← أي عقوبته لعلهم يرجعون ← يتوبون.
فأقم وجهك للدين القيِّم ← دين الإسلام من قبل أن يأتي يوم لا مردَّ له من الله
← هو يوم القيامة يومئذ يصَّدَّعون ← فيه إدغام التاء في الأصل في الصاد: يتفرقون
بعد الحساب إلى الجنة والنار.
ومن آياته ← تعالى أن يرسل الرياح مبشرات ← بمعنى لتبشركم بالمطر وليذيقكم ← بها من رحمته ← المطر والخصب ولتجري الفلك ← السفن بها بأمره ← بإرادته ولتبتغوا ← تطلبوا من فضله ← الرزق بالتجارة في البحر ولعلكم تشكرون ← هذه
النعم يا أهل مكة فتوحدوه.
ولقد أرسلنا من قبلك رسلاً إلى قومهم فجاؤوهم بالبينات ← بالحجج الواضحات على صدقهم
في رسالتهم إليهم فكذبوهم فانتقمنا من الذين أجرموا ← أهلكنا الذين كذبوهم وكان
حقاً علينا نصر المؤمنين ← على الكافرين بإهلاكهم وإنجاء المؤمنين.
الله الذي يرسل الرياح فتثير سحابا← تزعجه فيبسطه في السماء كيف يشاء ← من قلة
وكثرة ويجعله كسفا← بفتح السين وسكونها قطعا متفرقة فترى الودق ← المطر يخرج
من خلاله ← أي وسطه فإذا أصاب به ← بالودق من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون ← يفرحون بالمطر.
الله الذي خلقكم من ضعف ← ماء مهين ثم جعل من بعد ضعف ← آخر، وهو ضعف الطفولية
قوةً ← أي قوة الشباب ثم من بعد قوةٍ ضعفاً وشيبةً ← ضعف الكبر وشيب الهرم
والضعف في الثلاثة بضم أوله وفتحه يخلق ما يشاء ← من الضعف والقوة والشباب
والشيبة وهو العليم ← بتدبير خلقه القدير ← على ما يشاء.
ويوم تقوم الساعة يُقسم ← يحلف المجرمون ← الكافرون ما لبثوا ← في القبور غير ساعة ← قال تعالى: كذلك كانوا يؤفكون ← يصرفون عن الحق: البعث كما صرفوا عن
الحق الصدق في مدة اللبث.
وقال الذين أوتوا العلم والإيمان ← من الملائكة وغيرهم لقد لبثتم في كتاب الله
← فيما كتبه في سابق علمه إلى يوم البعث فهذا يوم البعث ← الذي أنكرتموه ولكنكم
كنتم لا تعلمون ← وقوعه.
ولقد ضربنا ← جعلنا للناس في هذا القرآن من كل مثل ← تنبيهاً لهم ولئن ← لام
قسم جئتهم ← يا محمد بآية ← مثل العصا واليد لموسى ليقولنّ ← حذف منه نون
الرفع لتوالي النونات، والواو ضمير الجمع لالتقاء الساكنين الذين كفروا ← منهم إن ← ما أنتم ← أي محمد وأصحابه إلا مبطلون ← أصحاب أباطيل.