Prev  

37. Surah As-Sâffât سورة الصافات

  Next  



تفسير الطبري - الصافات - As-Saaffat -
 
Tafseer At-Tabariy  تفسير الطبري
بِسْم ِ اللهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ
وَالصَّافَّاتِ صَفًّا
    +/- -/+  
الأية
1
 
القول في تأويل قوله تعالى : وَالصَّافَّاتِ صَفًّا (1) قال أبو جعفر: أقسم الله تعالى ذكره بالصافات، والزاجرات، والتاليات ذكرا; فأما الصافات: فإنها الملائكة الصافات لربها في السماء وهي جمع صافَّة، فالصافات: جَمْعُ جَمْعٍ، وبذلك جاء تأويل أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: حدثني سلْم بن جنادة، قال: ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن مسلم، قال: كان مسروق يقول في الصَّافَّات: هي الملائكة. حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل، قال: أخبرنا النضر بن شميل، قال: أخبرنا شُعْبة، عن سليمان، قال: سمعت أبا الضحى، عن مسروق، عن عبد الله، بمثله. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { وَالصَّافَّاتِ صَفًّا) قال: قسم أقسم الله بخلق، ثم خلق، ثم خلق، والصافات: الملائكة صُفوفا في السماء. حدثني محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، في قوله { وَالصَّافَّاتِ) قال: هم الملائكة. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله < 21-8 > { وَالصَّافَّاتِ صَفًّا) قال: هذا قسم أقسم الله به.

 
Tafseer At-Tabariy  تفسير الطبري
فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا
    +/- -/+  
الأية
2
 
واختلف أهل التأويل في تأويل قوله { فالزاجرات زجرا) فقال بعضهم: هي الملائكة تزجُر السحاب تسوقه. * ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى ; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله { فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا) قال: الملائكة. حدثني محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، في قوله: { فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا) قال: هم الملائكة. وقال آخرون: بل ذلك آي القرآن التي زجر الله بها عما زَجر بها عنه في القرآن. * ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله { فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا) قال: ما زَجَر الله عنه في القرآن. والذي هو أولى بتأويل الآية عندنا ما قال مجاهد، ومن قال هم الملائكة، لأن الله تعالى ذكره، ابتدأ القسم بنوع من الملائكة، وهم الصافون بإجماع من أهل التأويل، فلأن يكون الذي بعده قسما بسائر أصنافهم أشبه.

 
Tafseer At-Tabariy  تفسير الطبري
فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا
    +/- -/+  
الأية
3
 
وقوله { فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا) يقول: فالقارئات كتابا. واختلف أهل التأويل في المعني بذلك، فقال بعضهم: هم الملائكة. * ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد { فالتاليات ذكرا) قال: الملائكة. حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي { فالتاليات ذكرا) قال: هم الملائكة. وقال آخرون: هو ما يُتلى في القرآن من أخبار الأمم قبلنا. * ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا) قال: ما يُتلى عليكم في القرآن من أخبار الناس والأمم قبلكم.

 
Tafseer At-Tabariy  تفسير الطبري
إِنَّ إِلَٰهَكُمْ لَوَاحِدٌ
    +/- -/+  
الأية
4
 
القول في تأويل قوله تعالى : إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ (4) يعني تعالى ذكره بقوله: { إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ } والصافات صفا إن معبودكم الذي يستوجب عليكم أيها الناس العبادة، وإخلاص الطاعة منكم له لواحد لا ثاني له ولا شريك. يقول: فأخلصوا العبادة وإياه فأفردوا بالطاعة، ولا تجعلوا له في عبادتكم إياه شريكا.

 
Tafseer At-Tabariy  تفسير الطبري
رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ
    +/- -/+  
الأية
5
 
وقوله { رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا) يقول: هو واحد خالق السموات السبع وما بينهما من الخلق، ومالك ذلك كله، والقيِّم على جميع ذلك، يقول: فالعبادة لا تصلح إلا لمن هذه صفته، فلا تعبدوا غيره، ولا تشركوا معه في عبادتكم إياه من لا يضر ولا ينفع، ولا يخلق شيئا ولا يُفْنيه. واختلف أهل العربية في وجه رفع رب السموات، فقال بعض نحويي البصرة، رُفع على معنى: إن إلهكم لرب. وقال غيره: هو رَد على"إن إلهكم < 21-10 > لواحد" ثم فَسَّر الواحد، فقال: رب السموات، وهو رد على واحد. وهذا القول عندي أشبه بالصواب في ذلك، لأن الخبر هو قوله { لَوَاحِدٌ) ، وقوله { رَبُّ السَّمَاوَاتِ) ترجمة عنه، وبيان مردود على إعرابه. وقوله { وَرَبُّ الْمَشَارِقِ) يقول: ومدبر مشارق الشمس في الشتاء والصيف ومغاربها، والقيِّم على ذلك ومصلحه، وترك ذكر المغارب لدلالة الكلام عليه، واستغني بذكر المشارق من ذكرها، إذ كان معلوما أن معها المغارب. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ } وقع القسم على هذا إن إلهكم لواحد { رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ } قال: مشارق الشمس في الشتاء والصيف. حدثني محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي، قوله { رَبُّ الْمَشَارِقِ) قال: المشارق ستون وثلاث مئة مَشْرِق، والمغارب مثلها، عدد أيام السنة .

 
Tafseer At-Tabariy  تفسير الطبري
إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ
    +/- -/+  
الأية
6
 
وقوله { إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ } اختلفت القراء في قراءة قوله { بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ) فقرأته عامة قراء المدينة والبصرة وبعض قراء الكوفة بزينة الكواكب بإضافة الزينة إلى الكواكب، وخفض الكواكب { إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا) التي تليكم أيها الناس وهي الدنيا إليكم بتزيينها الكواكب: أي بأن زينتها الكواكب. وقرأ ذلك جماعة من قراء الكوفة { بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ) بتنوين زينة، وخفض الكواكب ردا لها على الزينة، بمعنى: إنا زينا السماء الدنيا بزينة هي الكواكب، كأنه قال: زيناها بالكواكب. ورُوِي عن بعض قراء الكوفة أنه كان ينون الزِّينة وينصب الكواكبَ، بمعنى: إنا زينا السماء الدنيا بتزييننا الكواكبَ. ولو كانت القراءة في الكواكب جاءت رفعا إذ نونت الزينة، لم < 21-11 > يكن لحنا، وكان صوابا في العربية، وكان معناه: إنا زينا السماء الدنيا بتزيينها الكواكب: أي بأن زينتها الكواكب وذلك أن الزينة مصدر، فجائز توجيهها إلى أيِّ هذه الوجوه التي وُصِفت في العربية. وأما القراءة فأعجبها إلي بإضافة الزينة إلى الكواكب وخفض الكواكب لصحة معنى ذلك في التأول والعربية، وأنها قراءة أكثر قراء الأمصار وإن كان التنوين في الزينة وخفض الكواكب عندي صحيحا أيضا. فأما النصب في الكواكب والرفع، فلا أستجيز القراءة بهما، لإجماع الحجة من القراء على خلافهما، وإن كان لهما في الإعراب والمعنى وجه صحيح. وقد اختلف أهل العربية في تأويل ذلك إذا أضيفت الزينة إلى الكواكب، فكان بعض نحويي البصرة يقول: إذا قرئ ذلك كذلك فليس يعني بعضَها، ولكن زينتها حسنها، وكان غيره يقول: معنى ذلك: إذا قرئ كذلك: إنا زينا السماء الدنيا بأن زينتها الكواكب. وقد بيَّنا الصواب في ذلك عندنا. وقوله { وَحِفْظا) يقول تعالى ذكره: { وحفظا) للسماء الدنيا زيناها بزينة الكواكب. وقد اختلف أهل العربية في وجه نصب قوله { وحِفْظا) فقال بعض نحويي البصرة: قال وحفظا، لأنه بدل من اللفظ بالفعل، كأنه قال: وحفظناها حفظا. وقال بعض نحويي الكوفة: إنما هو من صلة التزيين أنا زينا السماء الدنيا حفظا لها، فأدخل الواو على التكرير: أي وزيناها حفظا لها، فجعله من التزيين، وقد بيّنا القول فيه عندنا. وتأويل الكلام: وحفظا لها من كل شيطان عات خبيث زيناها. كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله { وَحِفْظا) يقول: جعلتها حفظا من كل، شيطان مارد. وقوله { لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلإ الأعْلَى } اختلفت القراء في قراءة قوله < 21-12 > ( لا يَسَّمَّعُونَ } فقرأ ذلك عامة قراء المدينة والبصرة، وبعض الكوفيين: { لا يَسْمَعُونَ } بتخفيف السين من يسمعون، بمعنى أنهم يتسمَّعون ولا يسمعون. وقرأ ذلك عامة قراء الكوفيين بعد لا يسمعون بمعنى: لا يتسمعون، ثم أدغموا التاء في السين فشددوها. وأولى القراءتين في ذلك عندي بالصواب قراءة من قرأه بالتخفيف، لأن الأخبار الواردة عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وعن أصحابه، أن الشياطين قد تتسمع الوحي، ولكنها ترمى بالشهب لئلا تسمع. * ذكر رواية بعض ذلك: حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس، قال: كانت للشياطين مقاعد في السماء، قال: فكانوا يسمعون الوحي، قال: وكانت النجوم لا تجري، وكانت الشياطين لا ترمى، قال: فإذا سمعوا الوحي نـزلوا إلى الأرض، فزادوا في الكلمة تسعا; قال: فلما بُعِثَ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم جعل الشيطانُ إذا قعد مقعده جاء شهاب، فلم يُخْطِهِ حتى يحرقه، قال: فشكوا ذلك إلى إبليس، فقال: ما هو إلا لأمر حدث ; قال: فبعث جنوده، فإذا رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قائم يصلي بين جبلي نخلة; قال أبو كُرَيب: قال وكيع: يعني بطن نخلة، قال: فرجعوا إلى إبليس فأخبروه، قال: فقال هذا الذي حدث. حدثنا ابن وكيع وأحمد بن يحيى الصوفي قالا ثنا عبيد الله، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس، قال: كانت الجن يصعدون إلى السماء الدنيا يستمعون الوحي، فإذا سمعوا الكلمة زادوا فيها تسعا، فأما الكلمة فتكون حقا، وأما ما زادوا فيكون باطلا فلما بُعث النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم مُنِعوا مقاعدَهم، فذكروا ذلك لإبليس، ولم تكن النجوم يُرْمى بها قبل ذلك، فقال لهم إبليس: ما هذا إلا لأمر حدث في الأرض، فبعث جنوده، فوجدوا رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قائما يصلي، فأتوه فأخبروه، فقال: < 21-13 > هذا الحدث الذي حدث. حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا عبد الله بن رجاء، قال: ثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس، قال: كانت الجن لهم مقاعد، ثم ذكر نحوه. حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا يونس بن بكير، قال: ثنا محمد بن إسحاق، قال: ثني الزهري، عن عليّ بن الحسين، عن أبي إسحاق، عن ابن عباس، قال: حدثني رهط من الأنصار، قالوا: " بينا نحن جلوس ذات ليلة مع رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ، إذ رأى كوكبا رُمي به، فقال: " ما تقولون في هذا الكوكب الذي يرمي به؟" فقلنا: يولد مولود، أو يهلك هالك، ويموت ملك ويملك ملك، فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم : " لَيْسَ كَذَلِكَ، وَلَكِنَّ اللهَ كان إذا قَضَى أمْرًا فِي السَّمَاءِ سَبَّحَ لِذَلِكَ حَمَلَةُ الْعَرْشِ، فَيُسَبِّحُ لِتَسْبِيحِهِمْ مَنْ يَلِيهِمْ مِنْ تَحْتِهِمْ مِنَ الْمَلائِكَةِ، فَمَا يَزَالُونَ كَذَلِكَ حَتَّى يَنْتَهِيَ التَّسْبِيحُ إلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَقُولُ أهْلُ السَّمَاءِ الدُّنْيَا لِمَنْ يَلِيهِمْ مِنَ الْمَلائِكَةِ مِمَّ سَبَّحْتُمْ؟ فَيَقُولُونَ: مَا نَدْرِي: سَمِعْنَا مَنْ فَوْقَنَا مِنَ الْمَلائِكَةِ سَبَّحُوا فَسَبَّحْنَا اللهَ لِتَسْبِيحِهِمْ وَلَكِنَّا سَنَسْأَلُ، فَيَسْأَلُونَ مَنْ فَوْقَهُمْ، فَمَا يَزَالُونَ كَذَلِكَ حتى يَنْتَهِيَ إلَى حَمَلَةِ الْعَرْشِ، فَيَقُولُوَن: قَضَى اللهُ كَذَا وَكَذَا، فَيُخْبِرُونَ بِهِ مَنْ يَلِيهِمْ حتى يَنْتَهُوا إلى السَّمَاءِ الدُّنْيا، فَتَسْتَرِقُ الجِنُّ مَا يَقُولُونَ، فَيَنـزلُونَ إلى أوْلِيائِهِمْ مِنَ الإنْسِ فَيُلْقُونَهُ على ألْسِنَتِهِمْ بِتَوَهُّمٍ مِنْهُمْ، فَيُخْبِرُونَهُمْ بِهِ، فَيَكُونُ بَعْضُهُ حَقًّا وبَعْضُهُ كَذِبًا، فَلَمْ تَزَلِ الجِنّ كذلكَ حتى رُمُوا بِهذهِ الشُّهُبِ" وحدثنا ابن وكيع وابن المثنى، قالا ثنا عبد الأعلى، عن معمر، عن الزهري، عن عليّ بن حسين، عن ابن عباس، قال بينما النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم في نفر من الأنصار، إذ رمي بنجم فاستنار، فقال النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم :ما كُنتم تقولون لِمثلِ هذا في الجاهليةِ إذا رأيتموهُ؟ قالوا: كنا نقول: يموت عظيم أو يولد عظيم، قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم :فإنهُ لا يرمى به لموتِ أحد ولا لحياتهِ، ولكنَّ ربنا تباركَ اسمهُ إذا قضَى أمرًا سبحَ حملةُ العرشِ، ثمَّ سبحَ أهلُ السماءِ الذينَ يلونهمْ، ثمَّ الذينَ يلونهمْ حتى يبلغَ التسبيحُ أهلَ هذه السماءِ ثمَّ يسألُ أهلُ السماءِ السابعة حملة العرش: ماذا قال ربنا؟ فيخبرونهم، ثم يستخبر أهلُ كل سماء، حتى يبلع الخبر أهل السماءِ الدنيا، وتخطُف الشياطين السمع، فيرمونَ، فيقذفونهُ إلى أوليائهمْ، فما جاءُوا به على وجههِ فهوَ حق، ولكنهمْ يزيدونَ". حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: أخبرنا معمر، قال: ثنا ابن شهاب، عن عليّ بن حسين، عن ابن عباس قال: كان رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم جالسا في نفر من أصحابه، قال: فرمي بنجم، ثم ذكر نحوه، إلا أنه زاد فيه: قلت للزهري: أكان يُرْمى بها في الجاهلية؟ قال: نعم، ولكنها غلظت حين بُعث النبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم. حدثني عليّ بن داود، قال: ثنا عاصم بن عليّ، قال: ثنا أبي عليّ بن عاصم، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس، قال: " كان للجن مقاعد في السماء يسمعون الوحي، وكان الوحي إذا أُوحِي سمعت الملائكة كهيئة الحديدة يُرْمى بها على الصَّفْوان، فإذا سمعت الملائكة صلصلة الوحي خر لجباههم مَنْ في السماء من الملائكة، فإذا نـزل عليهم أصحاب الوحي قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ قال: فيتنادون، قال: ربكم الحق وهو العلي الكبير; قال: فإذا أنـزل إلى السماء الدنيا، قالوا: يكون في الأرض كذا وكذا موتا، وكذا وكذا حياة. وكذا وكذا جدوبة، وكذا وكذا خِصْبا، وما يريد أن يصنع، وما يريد أن يبتدئ تبارك وتعالى، فنـزلت الجن. فأوحوا إلى أوليائهم من الإنس، مما يكون في الأرض ،فبيناهم كذلك، إذ بعث الله النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ، فزجرت الشياطين عن السماء ورَمَوْهم بكواكب، فجعل لا يصعد أحد منهم إلا احترق، وفزع أهل الأرض لِمَا رأوا في الكواكب، ولم يكن قبل ذلك، وقالوا: هلك مَنْ في السماء، وكان أهل < 21-15 > الطائف أول من فزع، فينطلق الرجل إلى إبله، فينحر كل يوم بعيرا لآلهتهم، وينطلق صاحب الغنم، فيذبح كل يوم شاة، وينطلق صاحب البقر. فيذبح كل يوم بقرة، فقال لهم رجل: ويلكم لا تهلكوا أموالكم، فإن معالمكم من الكواكب التي تهتدون بها لم يسقط منها شيء، فأقلعوا وقد أسرعوا في أموالهم. وقال إبليس: حدث في الأرض حدث، فأتي من كل أرض بتربة، فجعل لا يؤتى بتربة أرض إلا شمها، فلما أتي بتربة تهامة قال: ها هنا حدث الحدث، وصرف الله إليه نفرا من الجن وهو يقرأ القرآن، فقالوا: إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا حتى ختم الآية...، فولَّوا إلى قومهم منذرين. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني ابن لهيعة، عن محمد بن عبد الرحمن، عن عروة، عن عائشة أنها قالت: سمعت رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يقول: " إنَّ الملائكةَ تنـزلُ في العنانِ- وهوَ السحابُ- فتذكرُ ما قضيَ في السماءِ، فتسترقُ الشياطينُ السمعَ، فتسمعهُ فتوحيهِ إلى الكهانِ، فيكذبونَ معها مئةَ كذبةٍ من عند أنفسهمْ . فهذه الأخبار تُنبئ عن أن الشياطين تسمع، ولكنها تُرْمى بالشهب لئلا تسمع. فإن ظن ظان أنه لما كان في الكلام " إلى "، كان التسمع أولى بالكلام من السمع، فإن الأمر في ذلك بخلاف ما ظن، وذلك أن العرب تقول: سمعت فلانا يقول كذا، وسمعت إلى فلان يقول كذا، وسمعت من فلان. وتأويل الكلام: إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب.

 
Tafseer At-Tabariy  تفسير الطبري
وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ
    +/- -/+  
الأية
7
 
وحفظا من كل شيطان مارد أن لا يسمع إلى الملإ الأعلى، فحذفت " إن " اكتفاء بدلالة الكلام عليها، كما قيل: كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ * لا يُؤْمِنُونَ بِهِ بمعنى: أن لا يؤمنوا به; ولو كان مكان " لا " أن، لكان فصيحا، كما قيل: يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا بمعنى: أن لا تضلوا، وكما قال: وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ بمعنى: أن لا تميد بكم. والعرب قد تجزم مع " لا " في مثل هذا الموضع من الكلام، فتقول: ربطت الفرس لا يَنْفَلِتْ، كما قال بعض بني < 21-16 > عقيل: وحــتى رأينـا أحسـن الـود بيننـا مُســاكنةً لا يقـرِف الشـرَّ قـارفُ (1) ------------------------ الهوامش: (1) البيت من شواهد الفرّاء في معاني القرآن { مصورة الجامعة ص 271 ) قال في تفسير قوله تعالى: " لا يسمعون" قرأها عبد الله بالتشديد، على معنى"لا يتسمعون" وكذلك قرأها ابن عباس، وقال: يسمعون ولا يتسمعون قال الفرّاء: ومعنى"لا" كقوله" كذلك سلكناه في قلوب المجرمين . لا يؤمنون به"، لو كان في موضع"لا""أن" صلح ذلك، كما قال: " يبين الله لكم أن تضلوا" . وكما قال:"وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم" . ويصلح في"لا" على هذا المعنى الجزم. العرب تقول: ربطت الفرس لا ينفلت، وأوثقت عبدي لا يفرر. وأنشد بعض بني عقيل: " وحتى رأينا ... البيت" وبعضهم يقول: لا يقرف الشر { برفع الفعل) قال: والرفع لغة أهل الحجاز، وبذلك جاء القرآن. اهـ.

 
Tafseer At-Tabariy  تفسير الطبري
لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَىٰ وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ
    +/- -/+  
الأية
8
 
ويُروى: لا يقرف رفعا، والرفع لغة أهل الحجاز فيما قيل: وقال قتادة في ذلك ما: حدثني بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلإ الأعْلَى } قال: منعوها. ويعني بقوله { إلَى المَلإ) : إلى جماعة الملائكة التي هم أعلى ممن هم دونهم. وقوله { وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ * دُحُورًا) ويرمون من كل جانب من جوانب السماء دُحُورا والدحور: مصدر من قولك: دَحَرْته أدْحَرُه دَحْرا ودُحورا، والدَّحْر: الدفع والإبعاد، يقال منه: ادْحَرْ عنك الشيطان: أي ادفعه عنك وأبعده. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ * دُحُورًا) قذفا بالشهب. حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله { وَيُقْذَفُونَ } يرمون { مِنْ كُلِّ جَانِبٍ } قال: من كل مكان.

 
Tafseer At-Tabariy  تفسير الطبري
دُحُورًا ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ
    +/- -/+  
الأية
9
 
وقوله { دُحُورًا) قال: مطرودين. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله { وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ * دُحُورًا) قال: الشياطين يدحرون بها عن الاستماع، وقرأ وقال: { إلا من استرق السمع فأتبعه شهاب ثاقب } . وقوله ( وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ } يقول تعالى ذكره: ولهذه الشياطين المسترِقة السمع عذاب من الله واصب. واختلف أهل التأويل في معنى الواصب، فقال بعضهم: معناه: الموجع. * ذكر من قال ذلك: حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا ابن أبي زائدة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي صالح { ولهم عذاب واصب) قال: موجع. وحدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط ، عن السديّ، في قوله { عَذَابٌ وَاصِبٌ } قال: الموجع. وقال آخرون: بل معناه: الدائم. * ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد عن قتادة { وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ } : أي دائم. حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله { عَذَابٌ وَاصِبٌ } قال: دائم. حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس { وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ } يقول: لهم عذاب دائم. حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا ابن أبي زائدة، عمن ذكره، عن عكرمة { وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ } قال: دائم. حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله { وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ } قال: الواصب: الدائب. وأولى التأويلين في ذلك بالصواب تأويل من قال: معناه: دائم خالص، وذلك أن الله قال وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا فمعلوم أنه لم يصفه بالإيلام والإيجاع، وإنما وصفه بالثبات والخلوص; ومنه قول أبي الأسود الدؤلي: لا أشــتري الحــمد القليـل بقـاؤه يؤمــا بـذم الدهـر أجـمع واصبـا (2) أي دائما.

 
Tafseer At-Tabariy  تفسير الطبري
إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ
    +/- -/+  
الأية
10
 
وقوله { إلا من خطف الخطفة) يقول: إلا من استرق السمع منهم { فأتبعه شهاب ثاقب) يعني: مضيء متوقد. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله { فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ } من نار وثقوبه: ضوءه. حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي، قوله { شِهَابٌ ثَاقِبٌ } قال: شهاب مضيء يحرقه حين يُرْمى به. حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله { فَأتْبَعَهُ شِهَابٌ } قال: كان ابن عباس يقول: لا يقتلون بالشهاب، ولا يموتون، ولكنها تحرقهم من غير قتل، وتُخَبِّل وتُخْدِج من غير قتل. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله { فَأتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ } قال: والثاقب: المستوقد، قال: والرجل يقول: أَثقِب نارك، ويقول استثقِب نارك استوقد نارك. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا عبيد الله، قال: سُئل الضحاك هل للشياطين أجنحة؟ فقال: كيف يطيرون إلى السماء إلا ولهم أجنحة. ------------------------ الهوامش: (2) البيت من شواهد أبي عبيدة في مجاز القرآن ( مصورة الجامعة الورقة ص 208 - 1 ) قال في تفسير قوله تعالى"عذاب واصب": دائم قال أبو الأسود الدؤلي:"لا أشتري الحمد ..." البيت. اهـ. وفي معاني القرآن للفراء ( مصورة الجامعة 271 ): وقوله"عذاب واصب""وله الدين واصبا": دائم خالص. اهـ.

 
Tafseer At-Tabariy  تفسير الطبري
فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمْ مَنْ خَلَقْنَا ۚ إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لَازِبٍ
    +/- -/+  
الأية
11
 
القول في تأويل قوله تعالى : فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمْ مَنْ خَلَقْنَا إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ (11) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم : فاستفت يا محمد هؤلاء المشركين الذي يُنكرون البعث بعد الممات والنشور بعد البلاء: يقول: فسَلْهم: أهم أشد خلقا؟ يقول: أخلقُهم أشد أم خلق من عددنا خلقه من الملائكة والشياطين والسموات والأرض؟ وذُكر أن ذلك في قراءة عبد الله بن مسعود: " أهُمْ أشَدُّ خَلْقا أمْ مَنْ عَدَدْنَا "؟. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد { أهُمْ أشَدُّ خَلْقا أمْ مَنْ خَلَقْنَا }؟ قال: السموات والأرض والجبال. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح ،قال: ثنا عبيد بن سليمان، عن الضحاك أنه قرأ " أهُمْ أَشَدُّ خَلْقا أمْ مَنْ عَدَدْنَا "؟ وفي قراءة عبد الله بن مسعود " عَدَدْنَا " يقول: رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ يقول: أهم أشد خلقا، أم السموات والأرض؟ يقول: السموات والأرض أشد خلقا منهم. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { فَاسْتَفْتِهِمْ أهُمْ أَشَدُّ خَلْقا أمْ مَنْ عَدَدْنَا) من خلق السموات والأرض، قال اللهُ: لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ ... الآية. حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي { فَاسْتَفْتِهِمْ أهُمْ أشَدُّ خَلْقَا } قال: يعني المشركين، سلهم أهم أشد خلقا( أمْ مَنْ خَلَقْنَا } وقوله { إنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ } يقول: إنا خلقناهم من طين لاصق. وإنما وصفه جل ثناؤه باللُّزوب، لأنه تراب مخلوط بماء، وكذلك خَلْق ابن آدم من تراب وماء ونار وهواء; والتراب إذا خُلط بماء صار طينا لازبا، والعرب تُبدل أحيانًا هذه الباء ميما، فتقول: طين لازم; ومنه قول النجاشي الحارثي: بنـى اللـؤم بيتـا فاسـتقرت عمـاده عليكــم بنـي النجـار ضربـة لازم (3) ومن اللازب قول نابغة بني ذُبيان: ولا يحسـبون الخـير لا شـرَّ بعـدهُ ولا يحســبون الشـر ضربـة لازب (4) وربما أبدلوا الزاي التي في اللازب تاء، فيقولون: طين لاتب، وذُكر أن ذلك في قَيس ، زعم الفرّاء أن أبا الجراح أنشده: صــداعٌ وتـوصيمُ العظـامِ وفـترة وغثـي مـع الإشراق في الجوف لاتب (5) بمعنى: لازم، والفعل من لازب: لَزِبَ يَلْزُب، لزْبا ولُزوبا (6) ------------------------ الهوامش: (3) البيت من شواهد أبي عبيدة في مجاز القرآن { مصورة الجامعة الورقة ص 208 - 1 ) قال في قوله تعالى"من طين لازب" مجازه مجاز لازم . قال النجاشي: " بنى اللؤم ... البيت" .اهـ.(4) وهذا البيت من شواهد أبي عبيدة في مجاز القرآن { مصورة الجامعة ص 208 - 1 ) . وهو كالشاهد الذي قبله على أن معنى اللازب اللازم . قال نابغة بني ذبيان:"لا يحسبون الخير .... البيت": اهـ.(5) البيت من شواهد الفراء في معاني القرآن { مصورة الجامعة ص 271 ) قال اللازب اللاصق . قال: وقيس تقول:"طين لاتب" أنشدني بعضهم: صــداع وتـوصيم ............... .............................. البيت . قال والعرب تقول: ليس هذا بضربة لازب، ولازم؛ يبدلون الباء ميما، لتقارب المخرج.اه. { وفي اللسان:"لتب" اللاتب: الثابت؛ تقول منه لتب يلتب) . { بوزن يقتل) لتبا ولتوبا، وأنشد أبو الجراح: فـإن يـك هـذا مـن نبيـذ شـربته فــإني مـن شـرب النبيـذ لتـائب صــداع وتـوصيم ............... . . . . . . . . . . . . . . . . . . . وفي اللسان عن الفرّاء في قوله تعالى" من طين لازب": قال: اللازب واللاتب واحد. قال: وقيس تقول: طين لاتب. واللاتب: اللازق، مثل اللازب. وهذا الشيء ضربة لاتب كضربة لازم .اهـ.(6) في الأصل: ويلزب وهو تحريف عما أثبتناه؛ لتصريحهم بأن الفعل من باب نفد، وأن المصدر لزبا ولزوبا . { انظر اللسان والمصباح: لزب } وضبط في التاج ككرم.

 
Tafseer At-Tabariy  تفسير الطبري
بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ
    +/- -/+  
الأية
12
 
وَإِذَا ذُكِّرُوا لَا يَذْكُرُونَ
    +/- -/+  
الأية
13
 
وَإِذَا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ
    +/- -/+  
الأية
14
 
وَقَالُوا إِنْ هَٰذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ
    +/- -/+  
الأية
15
 
أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ
    +/- -/+  
الأية
16
 
أَوَآبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ
    +/- -/+  
الأية
17
 
قُلْ نَعَمْ وَأَنْتُمْ دَاخِرُونَ
    +/- -/+  
الأية
18
 
فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ يَنْظُرُونَ
    +/- -/+  
الأية
19
 
وَقَالُوا يَا وَيْلَنَا هَٰذَا يَوْمُ الدِّينِ
    +/- -/+  
الأية
20
 
هَٰذَا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ
    +/- -/+  
الأية
21
 
احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ
    +/- -/+  
الأية
22
 
مِنْ دُونِ اللهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَىٰ صِرَاطِ الْجَحِيمِ
    +/- -/+  
الأية
23
 
وَقِفُوهُمْ ۖ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ
    +/- -/+  
الأية
24
 
مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ
    +/- -/+  
الأية
25
 
القول في تأويل قوله تعالى : مَا لَكُمْ لا تَنَاصَرُونَ (25) وقوله { مَا لَكُمْ لا تَنَاصَرُونَ } يقول: ما لكم أيها المشركون بالله لا ينصر بعضكم بعضا.

 
Tafseer At-Tabariy  تفسير الطبري
بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ
    +/- -/+  
الأية
26
 
{ بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ } يقول: بل هم اليوم مستسلمون لأمر الله فيهم وقضائه، موقنون بعذابه. كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله { مَا لَكُمْ لا تَنَاصَرُونَ } لا والله لا يتناصرون، ولا يدفع بعضهم عن بعض { بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ } في عذاب الله.

 
Tafseer At-Tabariy  تفسير الطبري
وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ
    +/- -/+  
الأية
27
 
وقوله { وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ } قيل: معنى ذلك: وأقبل الإنس على الجن، يتساءلون. * ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله { وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ } الإنس على الجن.

 
Tafseer At-Tabariy  تفسير الطبري
قَالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ
    +/- -/+  
الأية
28
 
القول في تأويل قوله تعالى : < 21-31 > قَالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ (28) يقول تعالى ذكره: قالت الإنس للجن: إنكم أيها الجن كنتم تأتوننا من قِبَل الدين والحق فتخدعوننا بأقوى الوجوه، واليمين: القوة والقدرة في كلام العرب، ومنه قول الشاعر: إذَا مــا رَايــةٌ رُفِعــتْ لمَجْــدٍ تَلقَّاهــــا عَرَابـــةٌ بـــالْيَمِين (1) يعني: بالقوة والقدرة. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله { تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ } قال: عن الحق، الكفار تقوله للشياطين. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( قَالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ } قال: قالت الإنس للجن: إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين، قال: من قبل الخير، فتنهوننا عنه، وتبطِّئوننا عنه. حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي، في قوله { إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ } قال: تأتوننا من قبل الحق تزينون لنا الباطل، وتصدوننا عن الحق. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله { إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ } قال: قال بنو آدم للشياطين الذين كفروا: إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين، قال: تحولون بيننا وبين الخير، ورددتمونا عن الإسلام والإيمان، والعمل بالخير الذي أمر الله به. ------------------------ الهوامش: (1) هذا البيت من شواهد الفرّاء في معاني القرآن { مصورة الجامعة الورقة 272 ) قال في قوله تعالى: " كنتم تأتوننا عن اليمين": يقول: كنتم تأتوننا من قبل الدين، أي تأتوننا تخدعوننا بأقوى الوجوه، واليمين أي بالقوة والقدرة قلت: والبيت للشماخ يمدح عرابة الأوسي، وقبله رأيــتُ عرابــةَ الأوْسـيَّ يسُـمو إلــى الخــيراتِ منقطـعَ القـرينِ انظر { اللسان: يمن } . وفسره كما فسره الفرّاء، وعرابة الأوسي: هو ابن أوس بن قيظي قيل: هو الذي قال لرسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: في غزوة الخندق:"إن بيوتنا عورة" . قال السهيلي في"الروض الأنف 2: 190" : وكان عرابة الأوسي سيدا، ولا صحبة له، وذكرناه فيمن استصغر يوم أحد، وهو الذي يقول فيه الشماخ: " إذا ما راية رفعت لمجد .... البيت" .

 
Tafseer At-Tabariy  تفسير الطبري
قَالُوا بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ
    +/- -/+  
الأية
29
 
وقوله { قَالُوا بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ) يقول تعالى ذكره: قالت الجن للإنس مجيبة لهم: بل لم تكونوا بتوحيد الله مُقِرين، وكنتم للأصنام عابدين .

 
Tafseer At-Tabariy  تفسير الطبري
وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ ۖ بَلْ كُنْتُمْ قَوْمًا طَاغِينَ
    +/- -/+  
الأية
30
 
{ وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ } يقول: قالوا: وما كان لنا عليكم من حُجَّة، فنصدَّكم بها عن الإيمان، ونحول بينكم من أجلها وبين اتباع الحق { بَلْ كُنْتُمْ قَوْما طَاغِينَ } يقول: قالوا لهم: بل كنتم أيها المشركون قوما طاغين على الله، متعدين إلى ما ليس لكم التعدي إليه من معصية الله وخلاف أمره. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال: قالت لهم الجن { بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ } حتى بلغ { قَوْما طَاغِينَ } حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي، في قوله: { وَما كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ } قال: الحجة وفي قوله { بَلْ كُنْتُمْ قَوْما طَاغِينَ } قال: كفَّار ضُلال.

 
Tafseer At-Tabariy  تفسير الطبري
فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَا ۖ إِنَّا لَذَائِقُونَ
    +/- -/+  
الأية
31
 
القول في تأويل قوله تعالى : فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَا إِنَّا لَذَائِقُونَ (31) يقول تعالى ذكره: فحق علينا قول ربنا، فوجب علينا عذاب ربنا، إنا لذائقون العذاب نحن وأنتم بما قدمنا من ذنوبنا ومعصيتنا في الدنيا; فهذا خبر من الله عن قيل الجن والإنس. كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنا } ..........الآية. قال: هذا قول الجن.

 
Tafseer At-Tabariy  تفسير الطبري
فَأَغْوَيْنَاكُمْ إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ
    +/- -/+  
الأية
32
 
وقوله { فأغْويْناكُمْ إِنَّا كُنَّا غاوِينَ } يقول: فأضللناكم عن سبيل الله والإيمان به إنا كنا ضالين; وهذا أيضا خبر من الله عن قيل الجن والإنس، قال الله .

 
Tafseer At-Tabariy  تفسير الطبري
فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ
    +/- -/+  
الأية
33
 
{ فإنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي العَذَابِ مُشْتَرِكُونَ } يقول: فإن الإنس الذين كفروا بالله وأزواجهم، وما كانوا يعبدون من دون الله، والَّذين أَغْوَوا الإنس من الجن يوم القيامة في العذاب مشتركون جميعا في النار، كما اشتركوا في الدنيا في معصية الله. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله { فإنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ } قال: هم والشياطين.

 
Tafseer At-Tabariy  تفسير الطبري
إِنَّا كَذَٰلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ
    +/- -/+  
الأية
34
 
{ إِنَّا كذلكَ نَفْعَلُ بالمُجْرِمِينَ } يقول تعالى ذكره: إنا هكذا نفعل بالذين اختاروا معاصي الله في الدنيا على طاعته، والكفر به على الإيمان، فنذيقهم العذاب الأليم، ونجمع بينهم وبين قرنائهم في النار.

 
Tafseer At-Tabariy  تفسير الطبري
إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللهُ يَسْتَكْبِرُونَ
    +/- -/+  
الأية
35
 
القول في تأويل قوله تعالى : إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ يَسْتَكْبِرُونَ (35) يقول تعالى ذكره: وإن هؤلاء المشركين بالله الذين وصف صفتهم في هذه الآيات كانوا في الدنيا إذا قيل لهم: قولوا{ لا إِلهَ إِلا اللهُ يَسْتَكْبِرُونَ } يقول: يتعظَّمون عن قِيل ذلك ويتكبرون; وترك من الكلام قولوا، اكتفاء بدلالة الكلام عليه من ذكره. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي، في قوله { إذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ يَسْتَكْبِرُونَ } قال: يعني المشركين خاصة. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( إنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ يَسْتَكْبِرُونَ } قال: قال عمر بن الخطاب: احْضُروا موتاكم ، ولقنوهم لا إله إلا الله، فإنهم يرون ويسمعون.

 
Tafseer At-Tabariy  تفسير الطبري
وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ
    +/- -/+  
الأية
36
 
وقوله { وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ } يقول تعالى ذكره: ويقول هؤلاء المشركون من قريش،أنترك عبادة آلهتنا لشاعر مجنون يقول: لاتباع شاعر مجنون، يعنون بذلك نبي الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ونقول: لا إله إلا الله. كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُون } يعنون محمدا صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

 
Tafseer At-Tabariy  تفسير الطبري
بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ
    +/- -/+  
الأية
37
 
وقوله { بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ } وهذا خبر من الله مكذبا للمشركين الذين قالوا للنبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: شاعر مجنون، كذبوا، ما محمد كما وصفوه به من أنه شاعر مجنون، بل هو لله نبي جاء بالحق من عنده، وهو القرآن الذي أنـزله عليه، وصدق المرسلين الذين كانوا من قبله. وبمثل الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ } بالقرآن { وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ } : أي صدق من كان قبله من المرسلين.

 
Tafseer At-Tabariy  تفسير الطبري
إِنَّكُمْ لَذَائِقُو الْعَذَابِ الْأَلِيمِ
    +/- -/+  
الأية
38
 
القول في تأويل قوله تعالى : إِنَّكُمْ لَذَائِقُو الْعَذَابِ الأَلِيمِ (38) يقول تعالى ذكره لهؤلاء المشركين من أهل مكة، القائلين لمحمد: شاعر مجنون { إنَّكُمْ) أيها المشركون { لَذَائِقُو الْعَذَابِ الألِيم } الموجع في الآخرة .

 
Tafseer At-Tabariy  تفسير الطبري
وَمَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ
    +/- -/+  
الأية
39
 
{ وَمَا تُجْزَوْنَ } يقول: وما تثابون في الآخرة إذا ذقتم العذاب الأليم فيها{ إلا) ثواب { مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } في الدنيا، معاصِيَ الله.

 
Tafseer At-Tabariy  تفسير الطبري
إِلَّا عِبَادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ
    +/- -/+  
الأية
40
 
وقوله { إِلا عِبَادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ } يقول: إلا عباد الله الذين أخلصهم يوم خلقهم لرحمته، وكتب لهم السعادة في أم الكتاب، فإنهم لا يذوقون العذاب، لأنهم أهل طاعة الله، وأهل الإيمان به. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { إِلا عِبَادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ } قال: هذه ثَنِية الله.

 
Tafseer At-Tabariy  تفسير الطبري
أُولَٰئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ
    +/- -/+  
الأية
41
 
وقوله { أُولَئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ } يقول: هؤلاء هم عباد الله المخلصون لهم رزق معلوم; وذلك الرزق المعلوم: هو الفواكه التي خلقها الله لهم في الجنة. كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { أُولَئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ } في الجنة. حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي، في قوله { أُولَئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ } قال: في الجنة.

 
Tafseer At-Tabariy  تفسير الطبري
فَوَاكِهُ ۖ وَهُمْ مُكْرَمُونَ
    +/- -/+  
الأية
42
 
القول في تأويل قوله تعالى : فَوَاكِهُ وَهُمْ مُكْرَمُونَ (42) قوله { فَوَاكِهُ) ردا على الرزق المعلوم تفسيرا له، ولذلك رفعت وقوله { وَهُمْ مُكْرَمُونَ } يقول: وهم مع الذي لهم من الرزق المعلوم في الجنة، مكرمون بكرامة الله التي أكرمهم الله بها .

 
Tafseer At-Tabariy  تفسير الطبري
فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ
    +/- -/+  
 
Tafseer At-Tabariy  تفسير الطبري
عَلَىٰ سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ
    +/- -/+  
الأية
44
 
{ عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ } يعني: أن بعضهم يقابل بعضا، ولا ينظر بعضهم في قفا بعض.

 
Tafseer At-Tabariy  تفسير الطبري
يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ
    +/- -/+  
الأية
45
 
وقوله { يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ } يقول تعالى ذكره: يطوف الخدم عليهم بكأس من خمر جارية ظاهرة لأعينهم غير غائرة. كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ } قال: كأس من خمر جارية، والمعين: هي الجارية. حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا سفيان، عن سلمة بن نبيط، عن الضحاك بن مزاحم، في قوله { بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ } قال: كل كأس في القرآن فهو خمر. حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الله بن داود، عن سلمة بن نبيط، عن الضحاك بن مزاحم، قال: كل كأس في القرآن فهو خمر حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السدي، في قوله { بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ ) قال: الخمر. والكأس عند العرب: كل إناء فيه شراب، فإن لم يكن فيه شراب لم يكن كأسا، ولكنه يكون إناء.

 
Tafseer At-Tabariy  تفسير الطبري
بَيْضَاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ
    +/- -/+  
الأية
46
 
وقوله { بَيْضَاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ } يعني بالبيضاء: الكأس، ولتأنيث الكأس أنثت البيضاء، ولم يقل أبيض، وذكر أن ذلك في قراءة عبد الله: صفراء. حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السدي، في قوله { بَيْضَاءَ) قال السدي: في قراءة عبد الله:صفراء وقوله { لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ } يقول: هذه الخمر لذة يلتذها شاربوها.

 
Tafseer At-Tabariy  تفسير الطبري
لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ
    +/- -/+  
الأية
47
 
وقوله { لا فِيهَا غَوْلٌ } يقول: لا في هذه الخمر غول، وهو أن تغتال عقولهم: يقول: لا تذهب هذه الخمر بعقول شاربيها كما تذهب بها خمور أهل الدنيا إذا شربوها فأكثروا منها، كما قال الشاعر: وَمــا زَالَــتِ الكــأْسُ تَغْتَالُنَــا وَتَـــــذْهَبُ بِــــالأوَّلِ الأوَّلِ (2) والعرب تقول: ليس فيها غيلة وغائلة وغَوْل بمعنى واحد; ورفع غول ولم ينصب بلا لدخول حرف الصفة بينها وبين الغول، وكذلك تفعل العرب في التبرِئة إذا حالت بين لا والاسم بحرف من حروف الصفات رفعوا الاسم ولم ينصبوه ، وقد يحتمل قوله { لا فِيهَا غَوْلٌ } أن يكون معنيا به: ليس فيها ما يؤذيهم من مكروه، وذلك أن العرب تقول للرجل يصاب بأمر مكروه، أو ينال بداهية عظيمة: غالَ فلانا غولٌ وقد اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معناه: ليس فيها صُداع. * ذكر من قال ذلك: حدثني علي، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله { لا فِيهَا غَوْلٌ } يقول: ليس فيها صداع. وقال آخرون: بل معنى ذلك: ليس فيها أذى فتشكَّى منه بطونهم. * ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس { لا فِيهَا غَوْلٌ } قال: هي الخمر ليس فيها وجع بطن. حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله ( لا فِيهَا غَوْلٌ } قال: وجع بطن. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله { لا فِيهَا غَوْلٌ } قال: الغول ما يوجع البطون، وشارب الخمر ههنا يشتكي بطنه. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { لا فِيهَا غَوْلٌ ) يقول: ليس فيها وجع بطن، ولا صُداع رأس. وقال آخرون: معنى ذلك: أنها لا تغول عقولهم. * ذكر من قال ذلك: حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ{ لا فِيهَا غَوْلٌ } قال: لا تغتال عقولهم. وقال آخرون: بل معنى ذلك: ليس فيها أذًى ولا مكروه. * ذكر من قال ذلك: حُدثت عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، عن إسرائيل، عن سالم الأفطس، عن سعيد بن جُبَير، في قوله { لا فيها غَوْلٌ } قال: أذًى ولا مكروه. حدثنا محمد بن سنان القزاز، قال: ثنا عبد الله بن يزيعة، قال: أخبرنا إسرائيل، عن سالم، عن سعيد بن جُبَير، في قوله: { لا فيها غَوْلٌ } قال: ليس فيها أذًى ولا مكروه. وقال آخرون: بل معنى ذلك: ليس فيها إثم. ولكل هذه الأقوال التي ذكرناها وجه، وذلك أن الغَوْل في كلام العرب: هو ما غال الإنسان فذهب به، فكل من ناله أمر يكرهه ضربوا له بذلك المثل، فقالوا: غالت فلانا غول، فالذاهب العقل من شرب الشراب، والمشتكي البطن منه، والمصدع الرأس من ذلك، والذي ناله منه مكروه كلهم قد غالته غُول. فإذا كان ذلك كذلك، وكان الله تعالى ذكره قد نفى عن شراب الجنة أن يكون فيه غَوْل، فالذي هو أولى بصفته أن يقال فيه كما قال جل ثناؤه { لا فِيها غَوْلٌ } فيعم بنفي كل معاني الغَوْل عنه، وأعم ذلك أن يقال: لا أذى فيها ولا مكروه على شاربيها في جسم ولا عقل، ولا غير ذلك. واختلفت القرّاء في قراءة قوله { وَلا هُمْ عَنْها يُنـزفُونَ } فقرأته عامة قراء المدينة والبصرة وبعض قراء الكوفة { يُنـزفُونَ) بفتح الزاي، بمعنى: ولا هم عن شربها تُنـزف عقولهم. وقرأ ذلك عامة قراء الكوفة: { وَلا هُمْ عَنْهَا يُنـزفُونَ } بكسر الزاي، بمعنى: ولا هم عن شربها يَنْفَد شرابهم. والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان معروفتان صحيحتا المعنى غير مختلفتيه، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب، وذلك أن أهل الجنة لا ينفد شرابهم، ولا يُسكرهم شربهم إياه، فيُذْهب عقولهم. واختلف أهل التأويل في معنى ذلك، فقال بعضهم: معناه: لا تذهب عقولهم. * ذكر من قال ذلك: حدثني علي، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس { وَلا هُمْ عنْها يُنـزفُونَ } يقول: لا تذهب عقولهم. حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس { وَلا هُمْ عَنْهَا يُنـزفُونَ } قال: لا تُنـزف فتذهب عقولهم. حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد { وَلا هُمْ عَنْهَا يُنـزفُونَ } قال: لا تذهب عقولهم. حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي، في قوله { وَلا هُمْ عَنْهَا يُنـزفُونَ } قال: لا تُنـزف عقولهم. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله { وَلا هُمْ عَنْهَا يُنـزفُونَ } قال: لا تُنـزف العقول. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { وَلا هُمْ عَنْهَا يُنـزفُونَ } قال: لا تغلبهم على عقولهم. وهذا التأويل الذي ذكرناه عمَّن ذكرنا عنه لم تفصل لنا رواته القراءة الذي هذا تأويلها، وقد يحتمل أن يكون ذلك تأويل قراءة من قرأها ينـزفُونَ ويُنـزفُونَ كلتيهما، وذلك أن العرب تقول: قد نـزف الرجل فهو منـزوف: إذا ذهب عقله من السكر، وأنـزف فهو مُنـزف، محكية عنهم اللغتان كلتاهما في ذهاب العقل من السكر; وأما إذا فَنِيت خمر القوم فإني لم أسمع فيه إلا أنـزفَ القوم بالألف، ومن الإنـزاف بمعنى: ذهاب العقل من السكر، قول الأبَيْرد: لَعَمْـرِي لَئِـنْ أنزفْتُمُـوا أوْ صَحَـوْتُمُ لَبِئْــسَ النَّــدَامَى كُـنْتُمُ آلَ أبجَـرا (3) ------------------------ الهوامش: (2) البيت من شواهد أبي عبيدة في مجاز القرآن { مصورة الجامعة الورقة 209 - 1 ) قال:"لا فيها غول": مجازه: ليس فيها غول. والغول: أن تغتال عقولهم. قال الشاعر: " وما زالت الكأس .... البيت". وقال الفرّاء في معاني القرآن { مصورة الجامعة ص 272 ): وقوله"لا فيها غول": " لو قلت: لا غول فيها كان رفعا ونصبا { أي كانت"لا" عاملة عمل ليس أو عمل إن }. قال: فإذا حلت بين الغول بلام أو بغيرها من الصفات { حروف جر } لم يكن إلا الرفع. والغول: يقول: ليس فيها غيلة، غائلة وغول.اهـ. وأنشد البيت في ( اللسان: غول } عن أبي عبيدة، وفيه:"الخمر" في موضع:"الكأس".اهـ.(3) البيت من شواهد أبي عبيدة في مجاز القرآن { مصورة الجامعة الورقة 209 - 1 ) قال في" ولا هم عنها ينزفون": تقول العرب لا تقطع عنه وتنزف سكرا. وقال الأبيرد الرياحي من بني عجل:" لعمري ...... البيت" قال: " آل أبجرا": آل أبجر من عجل. وقال الفرّاء في معاني القرآن { مصورة الجامعة ص 272 )، وقوله" ولا هم عنها ينزفون" وينزفون { مبنيا للمجهول والمعلوم } وأصحاب عبد الله يقرءون: ينزفون، وله معنيان يقال: قد أنزف الرجل: إذا فنيت خمره ، وأنزف: إذا ذهب عقله. فهذان وجهان. ومن قال: ينزفون يقول: لا تذهب عقولهم وهو منزوف. وفي { اللسان: نزف }: وفي التنزيل: " لا يصدعون فيها ولا ينزفون": أي لا يسكرون. وأنشد الجوهري للأبيرد: لعمــري لئـن أنـزفتمُ أو صحـوتمُ لبئــس النــدامى كـنتم آل أبجـرا شـربتم ومــدرتم وكــان أبـوكم كـذاكمْ إذا مـا يشـربُ الكـأس مدرَ قال ابن بري: هو أبجر بن جابر العجلي، وكان نصرانيا. قال: وقوم يجعلون المنزف مثل المنزوف، الذي قد نزف دمه. وقال اللحياني: نزف الرجل، فهو منزوف ونزيف سكر، فذهب عقله.اهـ.. وقول الأبيرد" شربتم ومدرتم" لعله يريد: سلحتم على أنفسكم لذهاب عقولكم، من قولهم مدرت الضبع: إذا سلحت. وانظر { اللسان: مدر }.

 
Tafseer At-Tabariy  تفسير الطبري
وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ
    +/- -/+  
الأية
48
 
القول في تأويل قوله تعالى : وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ (48) يقول تعالى ذكره: وعند هؤلاء المخلصين من عباد الله في الجنة قاصرات الطرف، وهن النساء اللواتي قصرن أطرافهن على بعولتهن، لا يردن غيرهم، ولا يمددن أبصارهن إلى غيرهم. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: حدثني علي، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس { وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ } يقول: عن غير أزواجهن. حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد { وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ } قال: على أزواجهن; زاد الحارث في حديثه: لا تبغي غيرهم. حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السدي، في قوله { وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ } قال: قصرن أبصارهن وقلوبهن على أزواجهن، فلا يردن غيرهم. حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السدي، قال: ذُكر أيضا عن منصور، عن مجاهد ، مثله. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ } قال: قَصَرْن طرفهن على أزواجهن، فلا يُردن غيرهم. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قول الله { قاصرات الطرف) قال: لا ينظرن إلا إلى أزواجهن، قد قَصَرْن أطرافهن على أزواجهن، ليس كما يكون نساء أهل الدنيا. وقوله { عِينٌ) يعني بالعين: النُّجْلَ العيون عِظامها، وهي جمع عيناء، والعيناء: المرأة الواسعة العين عظيمتها، وهي أحسن ما تكون من العيون. ونحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السدي، في قوله { عِينٌ) قال: عظام الأعين. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله { عِينٌ) قال: العيناء: العظيمة العين. حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، قال: ثنا محمد بن الفرج الصَّدَفي الدِّمْياطي، عن عمرو بن هاشم، عن ابن أبي كريمة، عن هشام بن حسان، عن أبيه، عن أم سلمة زوج النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنها قالت: قلت: يا رسول الله أخبرني عن قول الله: { حُورٌ عِينٌ } قال: " العِينُ: الضِّخَامُ العُيونِ; شُفْر الحُورَاء بمَنـزلَة جَناحِ النِّسْرِ" .

 
Tafseer At-Tabariy  تفسير الطبري
كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ
    +/- -/+  
الأية
49
 
وقوله { كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ } اختلف أهل التأويل في الذي به شبهن من البيض بهذا القول، فقال بعضهم: شبهن ببطن البيض في البياض، وهو الذي داخل القِشْر، وذلك أن ذلك لم يمسه شيء. * ذكر من قال ذلك: حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا ابن يمان، عن أشعث، عن جعفر، عن سعيد بن جُبَير، في قوله { كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ } قال: كأنهن بطن البيض. حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي { كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ } قال: البيض حين يُقْشر قبل أن تمسَّه الأيدي. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ } لم تمر به الأيدي ولم تمسه، يشبهن بياضه. وقال آخرون: بل شبهن بالبيض الذي يحضنه الطائر، فهو إلى الصفرة، فشبه بياضهن في الصفرة بذلك. * ذكر من قال ذلك: حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله ( كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ } قال: البيض الذي يكنه الريش، مثل بيض النعام الذي قد أكنه الريش من الريح، فهو أبيض إلى الصفرة فكأنه يبرق، فذلك المكنون. وقال آخرون: بل عنى بالبيض في هذا الموضع: اللؤلؤ، وبه شبهن في بياضه وصفائه. * ذكر من قال ذلك: حدثني علي، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله { كأَنَّهُنَّ بَيضٌ مَكْنُونٌ) يقول: اللؤلؤ المكنون. وأولى الأقوال في ذلك بالصواب عندي قول من قال: شبهن في بياضهن، وأنهن لم يمسهن قبل أزواجهن إنس ولا جان ببياض البيض الذي هو داخل القشر، وذلك هو الجلدة المُلْبَسة المُح قبل أن تمسه يد أو شيء غيرها، وذلك لا شك هو المكنون; فأما القشرة العليا فإن الطائر يمسها، والأيدي تباشرها، والعش يلقاها. والعرب تقول لكل مصون مكنون ما كان ذلك الشيء لؤلؤا كان أو بيضا أو متاعا، كما قال أبو دَهْبَل: وَهْــيَ زَهْـرَاءُ مِثْـلُ لُؤْلُـؤةِ الغَـوَّا صِ مِــيزَتْ مِـنْ جَـوْهَرٍ مَكْنُـونِ (4) وتقول لكل شيء أضمرته الصدور: أكنته، فهو مُكَنٌّ. وبنحو الذي قلنا في ذلك جاء الأثر عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. * ذكر من قال ذلك: حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، قال: ثنا محمد بن الفرج الصَّدَفي الدمياطي، عن عمرو بن هاشم عن ابن أبي كريمة، عن هشام، عن الحسن، عن أمه، عن أم سلمة " قلت: يا رسول الله أخبرني عن قوله { كأنهن بيض مكنون) قال: " رِقَّتُهُنَّ كَرِقَّةِ الْجِلْدَةِ الَّتِي رَأَيْتها فِي داخِلِ البَيْضَة التي تَلِي القِشْرِ وَهِيَ الغِرْقِئُ" ------------------------ الهوامش: (4) البيت من شواهد أبي عبيدة في مجاز القرآن ( مصورة الجامعة الورقة 209 - 1 ) قال في قوله تعالى: " بيض مكنون" أي مصون كل لؤلؤ أو بيض أو متاع صنته، فهو مكنون. وكل شيء أضمرته في نفسك فقد أكننته. قال الشاعر: " وهي زهراء ...." البيت .اهـ. ولم يصرح باسم القائل، وصرح به المؤلف.

 
Tafseer At-Tabariy  تفسير الطبري
فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ
    +/- -/+  
الأية
50
 
وقوله { فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ } يقول تعالى ذكره: فأقبل بعض أهل الجنة على بعض يتساءلون، يقول: يسأل بعضهم بعضا. كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ } أهل الجنة. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله { فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ } قال: أهل الجنة.

 
Tafseer At-Tabariy  تفسير الطبري
قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ
    +/- -/+  
الأية
51
 
القول في تأويل قوله تعالى : قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ (51) يقول تعالى ذكره: قال قائل من أهل الجنة إذ أقبل بعضهم على بعض يتساءلون: { إِنِّي كانَ لِي قَرِينٌ } فاختلف أهل التأويل في القرين الذي ذكر في هذا الموضع، فقال بعضهم: كان ذلك القرين شيطانا، وهو الذي كان يقول له: { أَئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ } بالبعث بعد الممات. * ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قول الله: { إِنّي كَانَ لِي قَرِينٌ } قال: شيطان. وقال آخرون: ذلك القرين شريك كان له من بني آدم أو صاحب. * ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ * يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ قال: هو الرجل المشرك يكون له الصاحب في الدنيا من أهل الإيمان، فيقول له المشرك: إنك لتُصدق بأنك مبعوث من بعد الموت أئذا كنا ترابا؟ فلما أن صاروا إلى الآخرة وأدخل المؤمنُ الجنة، وأدخل المشرك النار، فاطلع المؤمن، فرأى صاحبه في سَواء الجحيم قَالَ تَاللهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ .

 
Tafseer At-Tabariy  تفسير الطبري
يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ
    +/- -/+  
الأية
52
 
القول في تأويل قوله تعالى : يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ (52) حدثني إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد، قال: ثنا عتاب بن بشير، عن خَصِيف، عن فُرات بن ثعلبة البهراني في قوله { إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ } قال: إن رجلين كانا شريكين، فاجتمع لهما ثمانية آلاف دينار، وكان أحدهما له حرفة، والآخر ليس له حرفة، فقال الذي له حرفة للآخر: ليس لك حرفة، ما أُراني < 21-46 > إلا مفارقك ومُقاسمك، فقاسمه وفارقه; ثم إن الرجل اشترى دارًا بألف دينار كانت لملك قد مات فدعا صاحبه فأراه، فقال: كيف ترى هذه الدار ابتعتُها بألف دينار؟ قال: ما أحسنها; فلما خرج قال: اللهم إن صاحبي هذا قد ابتاع هذه الدار بألف دينار، وإني أسألك دارًا من دور الجنة، فتَصَدَّقَ بألف دينار; ثم مكث ما شاء الله أن يمكث، ثم إنه تزوج امرأة بألف دينار، فدعاه وصنع له طعاما; فلما أتاه قال: إني تزوجت هذه المرأة بألف دينار; قال: ما أحسن هذا; فلما انصرف قال: يا رب إن صاحبي تزوج امرأة بألف دينار، وإني أسألك امرأة من الحُور العين، فتصدق بألف دينار; ثم إنه مكث ما شاء الله أن يمكث، ثم اشترى بستانين بألفي دينار، ثم دعاه فأراه، فقال: إني ابتعت هذين البستانين، فقال: ما أحسن هذا; فلما خرج قال: يا رب إن صاحبي قد اشترى بستانين بألفي دينار، وأنا أسألك بستانين من الجنة، فتصدقَ بألفي دينار; ثم إن الملك أتاهما فتوفَّاهما; ثم انطلق بهذا المتصدق فأدخله دارًا تعجبه، فإذا امرأة تطلع يضيء ما تحتها من حُسنها، ثم أدخله بستانين، وشيئا الله به عليم، فقال عند ذلك: ما أشبه هذا برجل كان من أمره كذا وكذا. قال: فإنه ذاك، ولك هذا المنـزل والبستانان والمرأة. قال: فإنه كان لي صاحب يقول: { أَئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ } قيل له: فإنه في الجحيم، قال: فهل أنتم مُطَّلِعون ؟ فاطَّلَعَ فرآه في سواء الجحيم، فقال عند ذلك: تَاللهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ * وَلَوْلا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ . ...الآيات. وهذا التأويل الذي تأوله فرات بن ثعلبة يقوي قراءة من قرأ " إنَّكَ لَمِنَ المُصَّدِّقِينَ" بتشديد الصاد بمعنى: لمن المتصدقين، لأنه يذكر أن الله تعالى ذكره إنما أعطاه ما أعطاه على الصدقة لا على التصديق، وقراءة قراء الأمصار على خلاف ذلك، بل قراءتها بتخفيف الصاد وتشديد الدال، بمعنى: إنكار قرينه عليه التصديق أنه يبعث بعد الموت، كأنه قال: أتصدق بأنك تبعث بعد مماتك، وتُجْزَى بعملك، وتحاسَب؟.

 
Tafseer At-Tabariy  تفسير الطبري
أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَدِينُونَ
    +/- -/+  
الأية
53
 
يدل على ذلك قول الله: { أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَدِينُونَ } وهي القراءة الصحيحة عندنا التي لا يجوز خِلافُها لإجماع الحجة من القرّاء عليها. وقوله { أَئِنَّا لَمَدِينُونَ } يقول: أإنا لمحاسبون ومجزيُّون بعد مصيرنا عظاما ولحومنا ترابا. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله { أَئِنَّا لَمَدِينُونَ } يقول: أئنا لمجازوْن بالعمل، كما تَدِين تُدان. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله { أَئِنَّا لَمَدِينُونَ } : أئنا لمحاسبون. حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي { أَئِنَّا لَمَدِينُونَ } محاسبون.

 
Tafseer At-Tabariy  تفسير الطبري
قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ
    +/- -/+  
الأية
54
 
القول في تأويل قوله تعالى : قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ (54) يقول تعالى ذكره: قال هذا المؤمن الذي أدخل الجنة لأصحابه: { هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ } في النار، لعلي أرى قريني الذي كان يقول لي: إنك لمن المُصَدِّقين بأنا مبعوثون بعد الممات.

 
Tafseer At-Tabariy  تفسير الطبري
فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ
    +/- -/+  
الأية
55
 
وقوله { فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ } يقول: فاطلع في النار فرآه في وسط الجحيم. وفي الكلام متروك استغني بدلالة الكلام عليه من ذكره، وهو فقالوا: نعم. وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله { فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ } قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: حدثني عليّ ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله { فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ } يعني: في وَسَط الجحيم. حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس { فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ } يعني: في وَسَط الجحيم. حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال ثنا عباد بن راشد، عن الحسن، في قوله { فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ } يقول: في وسط الجحيم. حدثنا ابن سنان، قال: ثنا عبد الصمد، قال ثنا عباد بن راشد، قال: سمعت الحسن، فذكر مثله. حدثنا ابن بشار، قال: ثنا سليمان بن حرب، قال: ثنا أبو هلال، قال: ثنا قتادة، في قوله { سَوَاءِ الْجَحِيم } قال: وَسَطها. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال: { هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ } قال: سأل ربه أن يطلعه، قال { فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ } : أي في وسط الجحيم. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، عن خليد العصري، قال: لولا أن الله عرفه إياه ما عرفه، لقد تغير حبره وسبرة بعده، وذُكر لنا أنه اطلع فرأى جماجم القوم، فقال: { تَاللهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ * وَلَوْلا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ) حدثنا ابن بشار، قال: ثنا إبراهيم بن أبي الوزير، قال: ثنا سفيان بن عيينة، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن مطرف بن عبد الله، في قوله { فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ } قال: والله لولا أنه عرفه ما عرفه، لقد غيرت النار حِبْره وسِبْره (1) . حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السدي، قوله { هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ } قال: كان ابن عباس يقرؤها: " هَلْ أنتُمْ مُطْلِعُونِى فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ " قال: في وسط الجحيم. وهذه القراءة التي ذكرها السدي، عن ابن عباس، أنه كان يقرأ في { مُطَّلِعُونَ) إن كانت محفوظة عنه، فإنها من شواذ الحروف، وذلك أن العرب لا تؤثر في المكنى من الأسماء إذا اتصل بفاعل على الإضافة في جمع أو توحيد، لا يكادون أن يقولوا أنت مُكَلِّمُني ولا أنتما مكلماني ولا أنتم مكلِّموني ولا مكلِّمونني، وإنما يقولون أنت مكلِّمي، وأنتما مكلِّماي، وأنتم مكلمي; وإن قال قائل منهم ذلك قاله على وجه الغلط توهما به: أنت تكلمني، وأنتما تكلمانني، وأنتم تكلمونني، كما قال الشاعر: وَمــا أدْرِي وَظَنِّــي كُــلَّ ظَـن أَمُسْــلِمُنِي إلــى قَـوْمي شَـرَاحِي? (2) فقال: مسلمني، وليس ذلك وجه الكلام، بل وجه الكلام أمسلمي; فأما إذا كان الكلام ظاهرا ولم يكن متصلا بالفاعل، فإنهم ربما أضافوا، وربما لم يضيفوا، فيقال: هذا مكلم أخاك، ومكلم أخيك، وهذان مكلما أخيك، ومكلمان أخاك، وهؤلاء مكلمو أخيك، ومكلمون أخاك; وإنما تختار الإضافة في المكنى المتصل بفاعل لمصير الحرفين باتصال أحدهما بصاحبه كالحرف الواحد.

 
Tafseer At-Tabariy  تفسير الطبري
قَالَ تَاللهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ
    +/- -/+  
الأية
56
 
وقوله { تَاللهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ } يقول: فلما رأى قرينه في النار قال: تالله إن كدت في الدنيا لتهلكني بصدك إياي عن الإيمان بالبعث والثواب والعقاب. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السدي قوله { إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ } قال: لتهلكني، يقال منه: أردى فلان فلانا: إذا أهلكه، وردي فلان: إذا هلك، كما قال الأعشى. أفِـي الطَّـوْفِ خِـفْتِ عـليّ الـرَّدَى وَكَــمْ مِــنْ رَدٍ أهْلَــهُ لَـمْ يَـرِمْ (3) يعني بقوله: " وكم من رَد ": وكم من هالك. ------------------------ الهوامش: (1) في { اللسان: حبر } الحبر والسبر، الحسن والبهاء.(2) البيت من شواهد الفرّاء في معاني القرآن { مصورة الجامعة ص 272 ) قال في قوله تعالى " هل أنتم مطلعون" وقرأ بعض القراء " هل أنتم مطلعون فاطلع" فكسر النون، وهو شاذ؛ لأن العرب لا تختار على الإضافة إذا أسندوا فاعلا مجموعا أو موحدا، إلى مكنى عنه. فمن ذلك أن يقولوا: أنت ضاربي ويقولون للاثنين: أنتما ضارباي، وللجميع: أنتم ضاربي ولا يقولون للاثنين أنتما ضاربانني، ولا للجميع: أنتم ضاربونني، وإنما تكون هذه النون يضربونني يضربني، وربما غلط الشاعر، فيذهب إلى المعنى، فيقول: أنت ضاربني يتوهم أنه أراد: هل تضربني، فيكون ذلك على غير صحة قال الشاعر: " وما أدري وظني ......البيت"، يريد شراحيل، ولم يقل: أمسلمي، وهو وجه الكلام. وقال آخر: هــم القــائلون الخـير والفاعلونـه إذا مـا خشوا من محدث الأمر معظما ولم يقل: " الفاعلوه"، وهو وجه الكلام. وإنما اختاروا { العرب } الإضافة في الاسم المكنى، لأنه يختلط بما قبله { أي يلتصق به } فيصير الحرفان كالحرف الواحد، استحبوا الإضافة في المكنى، وقالوا هما ضاربان زيدا، وضاربا زيد، لأن زيدا في ظهوره لا يختلط بما قبله، لأنه ليس بحرف واحد، والمكنى { الضمير }: حرف. فأما قوله"فاطلع" فإنه على جهة فعل ذلك به، كما تقول: دعا فأجيب يا هذا. ويكون: هل أنتم مطلعون فاطلع أنا، فيكون منصوبا بجواب الفاء . اهـ.(3) البيت لأعشى بني قيس بن ثعلبة { ديوانه طبع القاهرة 41 ) من قصيدة ميمية مطولة يمدح بها قيس بن معد يكرب. والبيت من أبيات في آخرها يخاطب الشاعر بها ابنته التي تخشى عليه الموت بسبب طول أسفاره وكثرتها، فيرد عليها قائلا: أخفت عليّ الموت بسبب السفر؟ فانظري كم إنسان يموت ولا يبرح ديار أهله! والردى الهلاك، وهو محل الشاهد على قوله تعالى: " إن كدت لتردين" أي إنك كدت تهلكني. قال أبو عبيدة في مجاز القرآن { مصورة الجامعة الورقة 209 - ب }: أرديته: أهلكته وردي هو: أي هلك. اهـ. وقال الفراء في معاني القرآن { مصورة الجامعة 272 ) قال: " هل أنتم مطلعون": هذا رجل من أهل الجنة، قد كان له أخ من أهل الكفر، فأحب أن يرى مكانه، فيأذن الله له، فيطلع في النار ويخاطبه، فإذا رآه قال" تالله إن كدت لتردين". وفي قراءة عبد الله . هو بن مسعود: " إن كدت لتغوين، ولولا رحمة ربي لكنت من المحضرين": أي معك في النار محضرا.

 
Tafseer At-Tabariy  تفسير الطبري
وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ
    +/- -/+  
الأية
57
 
وقوله { وَلَوْلا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ } يقول: ولولا أن الله أنعم عليّ بهدايته، والتوفيق للإيمان بالبعث بعد الموت، لكنتُ من المحضَرِين معك في عذاب الله. كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ } : أي في عذاب الله. حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، قوله { لَكُنْتُ مِنَ المُحْضَرِينَ } قال: من المعذبين.

 
Tafseer At-Tabariy  تفسير الطبري
أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ
    +/- -/+  
الأية
58
 
القول في تأويل قوله تعالى : أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ (58) يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل هذا المؤمن الذي أعطاه الله ما أعطاه من كرامته في جنته سرورا منه بما أعطاه فيها{ أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ * إِلا مَوْتَتَنَا الأُولَى) يقول: أفما نحن بميتين غير موتتنا الأولى في الدنيا.

 
Tafseer At-Tabariy  تفسير الطبري
إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَىٰ وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ
    +/- -/+  
الأية
59
 
{ وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ } يقول: وما نحن بمعذبين بعد دخولنا الجنة .

 
Tafseer At-Tabariy  تفسير الطبري
إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ
    +/- -/+